العراق: الإفراج عن ناشطين ومتظاهرين، بينهم فتاة وقاصر وإعلامي

iraq

أطلقت الحكومة في العراق سراح الناشطَيْن المدنيَيْن خليل الجميلي وأسماء العزاوي والمتظاهرَيْن السلميَيْن شاكر الخفاجي وعلي السوداني، الذين اختفوا قسرًا لمدد تراوحت بين 7 أيام إلى نحو شهرين، كل واحد على حدة وفي ظروف مختلفة، وتم الإفراج عنهم بعدما ناشد مركز إكرام لحقوق الإنسان ومنظمة الكرامة لجنة الأمم المتحدة المعنية بحالات الاختفاء القسري التدخل العاجل وحث السلطات في العراق على اتخاذ إجراءات عاجلة لتحديد مكانهم وتوفير الحماية لهم وتحديد هوية المرتكبين.
فقد كانت آخر مكالمة هاتفية للقاصر شاكر الخفاجي، 15 عامَا، من سكان بغداد – الزعفرانية، مع والدته مساء يوم 5/11/2019م، عندما كان في طريق عودته إلى البيت قادمًا من ساحة التحرير، حيث تم إيقاف تشغيل هاتفه المحمول ولم يره أحد منذ ذلك الحين. في 5/12/2019م تدخلت لجنة الاختفاء القسري الأممية طالبة من الحكومة في العراق اتخاذ إجراءات عاجلة لمعرفة مصيره وتوفير الحماية له. في 28/ 12/ 2019م أطلق سراحه.
أما المتظاهر علي السوداني، 19 عامًا، من سكان بغداد – أبو دشير؛ فقد اختفى في 26/11/2019م، عندما كان في طريقه لساحة التحرير بعد أن استوقفته عصر ذلك اليوم مفرزة لقوات هيئة الاستخبارات التابعة لعمليات بغداد على جسر الأحرار وسط العاصمة وقامت باعتقاله مع شبان آخرين كانوا يحملون أعلامًا عراقية، دون ذكر الأسباب، وظلت أخباره منقطعة في 5/12/2019م طلبت لجنة الاختفاء القسري الأممية من الحكومة في العراق اتخاذ إجراءات عاجلة للكشف عن مصيره. تم الإفراج عنه بتأريخ 15/ 12/ 2019م.
وبعد إظهار تعاطفه مع ضحايا مجزرة الناصرية؛ تم اعتقال الإعلامي والناشط المدني خليل الجميلي، 25 عامًا، من سكان الأنبار - الكرمة، في 30/ 11/ 2019م، حيث جاءت إلى بيت الجميلي مفرزة من استخبارات ومكافحة الإرهاب في الأنبار، واقتادوه تحت تهديد السلاح إلى جهة مجهولة، وانقطع الاتصال به ولم يره ذووه منذ ذلك الوقت. في 9/12/2019 قدّم مركز إكرام لحقوق الإنسان بالتعاون مع مؤسسة كرامة التماسًا إلى لجنة الاختفاء القسري التابعة للأمم المتحدة للمساعدة العاجلة والطلب من السلطات في العراق الكشف عن مصير الجميلي. في 6/1/2020م أُطلق سراحه.
وفي 30/11/2019م أيضًا، خرجت الناشطة أسماء العزاوي من بيت أهلها الكائن في منطقة بغداد الجديدة شرقي العاصمة بغداد، واختفت عن الأنظار بعد خروجها من الشارع الذي فيه البيت، وانقطعت أخبارها ولم يتمكن أحد من التواصل معها بعد ذلك اليوم. في 11/12/2019 طلبت لجنة الاختفاء القسري التابعة للأمم المتحدة من السلطات الحكومية اتخاذ إجراءات عاجلة لتحديد مكان العزاوي، ووضعها تحت حماية القانون وتحديد هوية الجناة. تم إطلاق سراحها بتأريخ 15/12/2019م.
وبحسب ذوي الضحايا؛ فإنهم يعتقدون أن السبب الذي كان وراء اختفاء أقاربهم هو المشاركة في التظاهرات السلمية الجارية في ساحة التحرير وسط بغداد، أو مجرد التعاطف معها، وجميع أقارب المفرج عنهم يتهمون أحزاب السلطة بارتكاب هذه الحوادث، لكنهم لم يسموا حزبًا بعينه خوفًا من البطش والتنكيل.
وبعد إطلاق السراح، تحدث الجميع لمندوب مركز إكرام لحقوق الإنسان روايات مختلفة عن حوادث اختفائهم وما حصل خلالها، لكنهم أجمعوا على أنهم لم يتمكنوا من التواصل مع ذويهم أو مع محامٍ طوال مدة تغييبهم، ولم يستطع أي منهم التعرف على مكان احتجازه، وجميعهم اتهموا بالتخريب والإرهاب وخضعوا للتعذيب بأساليب وحشية، وكانوا مقيدي الأيدي ومعصوبي الأعين طوال مدة احتجازهم وجرت معاملتهم بطريقة سيئة جدًا. وجميعهم أكدوا لمندوب مركز إكرام لحقوق الإنسان أنه تم تهديدهم بالاعتقال والإخفاء مرة أخرى في حال المشاركة بالتظاهرات مجددًا أو إظهار التعاطف مع المتظاهرين.
وبهذا الصدد قال رشيد مصلي، مدير منظمة الكرامة:" يجدر بالسلطات العراقية أن تستجيب للطلب الذي تقدم به خبراء لجنة الأمم المتحدة بشأن الحاجة إلى إجراء تحقيق في ظروف اختفاء الضحايا المفرج عنهم وكذلك المعاملة اللاإنسانية التي عانوا منها أثناء احتجازهم بمعزل عن العالم الخارجي. وحتى تتوقف هذه الانتهاكات الخطيرة بشكل نهائي، تجب محاكمة المسؤولين عن ارتكابها جنائياً على النحو المطلوب بموجب اتفاقية الاختفاء القسري التي صادق عليها العراق."
من جانبه قال الدكتور أيمن العاني مدير مركز إكرام لحقوق الإنسان: كل من يناهض الحكومة في العراق يواجه القتل أو الاعتقال غير القانوني والتغييب القسري والتعذيب الوحشي، وقد تزايدت أعداد المختطفين والمختفين بشكل ملحوظ تزامنًا مع التظاهرات السلمية الجارية في البلاد، وتبيّن لكل مراقب للأحداث أن هناك استهدافًا ممنهجًا لأي شخص ينتقد طبيعة تعامل الحكومة مع المتظاهرين المناهضين لها. وأضاف العاني: مسلسل القمع الحكومي للاحتجاجات الشعبية مستمر، يشهد العراقيون حلقة جديدة من حلقاته المروعة، وما يزال يكلف الشعب العراقي ثمنًا باهظًا من دماء أبنائه وبناته.
ويتعرض ناشطو المجتمع المدني في العراق لحملات تخويف محمومة واعتقالات ممنهجة منذ تجدد التظاهرات المناهضة للحكومة مطلع تشرين أول/أكتوبر الماضي، التي تواجهها القوات الأمنية بالعنف المفرط والقوة المميتة؛ ما أسفر عن مقتل مئات المتظاهرين السلميين بينهم عشرات الفتيات والقاصرين.