الجزائر: لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان تدين السلطات بشأن الاختفاء القسري لعاشور بركاوي

berkaoui

خلال الجلسة 130 المنعقدة في الفترة ما بين 12 أكتوبر/ تشرين الأول و 6 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، أصدرت لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة قرارها في قضية عاشور بركاوي، الذي اعتقل في المرادية (ولاية الجزائر) عام 1994 من قبل مجموعة من عناصر قوات الأمن، واختفى قسراً منذ ذلك الحين.
في فبراير/ شباط 2015، قدمت الكرامة شكوى إلى لجنة حقوق الإنسان نيابة عن أسرة السيد بركاوي، التي حملت السلطات الجزائرية مسؤولية اختفائه، بعدما استنفدت كل الإجراءات المحلية لمعرفة الحقيقة والحصول على العدالة، لكن دون جدوى.

الحقائق
في 20 تشرين الثاني / نوفمبر 1994، اختطفت مجموعة من رجال الأمن، بعضهم مقنعين، عاشور بركاوي، وهو أب يبلغ من العمر 33 عامًا ووكيل ضرائب في بلدة المرادية، وسط العاصمة الجزائر.  
اقتيد بركاوي، وهو عضو الجبهة الإسلامية للإنقاذ، مكبل اليدين، في صندوق سيارة لا تحمل أي علامات إلى جهة مجهولة. وبعد أسبوع واحد فقط علمت زوجته من سجين أطلق سراحه حينها، أنه في مركز احتجاز تابع لمخفر شرطة المدنية (ولاية الجزائر). عندما ذهبت إلى مكان الحادث، نفى ضباط الشرطة اعتقاله وادّعوا أنه ليس لديهم معلومات عنه.
بعد إصرار الزوجة، عاد رجال الشرطة بعد أسابيع قليلة وأبلغوها، بشكل غير رسمي، أن الضحية محتجز في مركز الشرطة قبل نقله إلى شاطونوف، أكاديمية الشرطة في بن عكنون، أحد أهم وأشهر مراكز التعذيب والاعتقال بمعزل عن العالم الخارجي في الجزائر العاصمة.
في غياب تأكيد رسمي للاحتجاز، لجأت الأسرة إلى المدعي العام والمرصد الوطني لحقوق الإنسان (المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان).  وعلى الرغم من الجهود الجبارة التي بذلتها الأسرة، لم يتم اتخاذ أي إجراء.
  بعد 27 عامًا من الإنكار من قبل السلطات الجزائرية، تحصلت عائلة بركاوي على قرار منصف بشأن قضيتها أمام لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة.

 قرار اللجنة
في قرارها، طالبت لجنة حقوق الإنسان السلطات الجزائرية بالتحقيق في اختفاء عاشور بركاوي دون تأخير، والإفراج عنه فورًا إذا كان لا يزال على قيد الحياة، أو تسليم رفاته لأسرته إذا كان محتجزًا.
ومرة أخرى، أصرت اللجنة على ضرورة التزام الجزائر بـ "مقاضاة ومحاكمة ومعاقبة المسؤولين عن الانتهاكات المرتكبة" وتقديم تعويض مناسب للأسرة وكذلك للضحية إذا كان على قيد الحياة.
كما دعت اللجنة في قرارها السلطات الجزائرية إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع تكرار هذا النوع من الانتهاكات في المستقبل.  وفي هذا الصدد، شددت اللجنة على ضرورة مراجعة التشريع الجزائري وإلغاء أحكام الأمر رقم 06-01 المتعلق بتنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، والذي يتعارض مع أحكام العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
في الواقع، فإن ميثاق السلم والمصالحة الوطنية لا يخلق فقط مناخًا من الإفلات من العقاب من خلال إنشاء عفو عام عن موظفي الدولة الذين يرتكبون انتهاكات جسيمة للقانون الإنساني وحقوق الإنسان، ولكنه يجعل أيضًا من المستحيل على عائلات الضحايا التماس اللجوء القانوني، في انتهاك للمادة 2 الفقرة 3 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والتي تضمن الحق في تعويض فعال.
أمام الجزائر 180 يوما لإبلاغ اللجنة بالإجراءات التي اتخذتها لتنفيذ هذا القرار. في إطار إجراءات المتابعة التي وضعتها هيئة الأمم المتحدة في ما يتعلق بالشكاوى الفردية، ستولي الكرامة أهمية خاصة لتنفيذ هذا القرار من أجل ضمان استعادة حقوق وكرامة الضحية وأسرته بشكل تام.
تعتبر جريمة الاختفاء القسري من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وتوضح الفقرة الثانية من الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري "يقصد بالاختفاء القسري "الاعتقال أو الاحتجاز أو الاختطاف أو أي شكل من أشكال الحرمان من الحرية يتم على أيدي موظفي الدولة، أو أشخاص أو مجموعات من الأفراد يتصرفون بإذن أو دعم من الدولة أو بموافقتها، ويعقبه رفض الاعتراف بحرمان الشخص من حريته أو إخفاء مصير الشخص المختفي أو مكان وجوده، مما يحرمه من حماية القانون".