الجزائر: اللجنة المعنية بحقوق الإنسان تدين اختطاف وإعدام محمد بلعمرانية من طرف الجيش الجزائري

Belamrania Mohamed + Algeria + محمد بلعمرانية

أصدرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، خلال دورتها 116 التي عقدت بجنيف في الفترة  من 17 أكتوبر إلى 4 نوفمبر 2016، قرارها بشأن حالة السيد محمد بلعمرانية على إثر الشكوى التي تقدمت بها الكرامة نيابة عن أفراد أسرته. اختفى هذا المواطن الجزائري الأب لعشرة أولاد بعد القبض عليه ببيته بولاية جيجل من طرف عناصر الجيش في 13 يوليو 1995. وبعد بضعة أيام عثر أقاربه على جثته ضمن عشرات الضحايا أعدموا خارج نطاق القضاء من طرف قوات الجيش الجزائري.

الوقائع

كان محمد بلعمرانية البالغ من العمر 44 سنة يعيش ويشتغل في الفلاحة ببلدية القنار بولاية جيجل، وفي ليل 13 إلى 14 يوليو اختطفته مجموعة من أفراد فيلق المظليين الخامس للجيش الوطني الشعبي الجزائري.

داهم عناصر الجيش بيت أسرته عند حدود الساعة التاسعة والنصف ليلا وأخذوه على متن سيارته الخاصة إلى مركز تجاري وسط القرية صادره الجيش واتخذه ثكنة عسكرية. وأبلغ الجنود زوجته حينذاك أن "الأمر يتعلق باستجواب روتيني وأنهم سيفرجون عنه بسرعة". وجاءت عملية القبض في إطار حملة واسعة قام بها الجيش في القرية اعتقل خلالها تعسفيا العديد من مناصري الجبهة الإسلامية للإنقاذ. وأفاد السكان المجاورون للثكنة أنهم سمعوا ليلتها أنات وصرخات وتوسلات تدل على تعذيب أشخاص داخل المبني.

نقل محمد بلعمرانية في اليوم الموالي مع آخرين كانوا معتقلين معه بالمركز التجاري على متن مركبات عسكرية إلى مكان مجهول. بعد بضعة أيام أفرج عن ثلاثة أشخاص كان قد قبض عليهم مع الضحية في نفس الوقت، بعد تدخل قريب لهم برتبة عقيد في الجيش. وأبلغ هؤلاء أقارب الضحية أنهم كانوا محتجزين بثكنة الميلية، على بعد خمسين كيلومترا من القرية. توجهت زوجته وأخوه إلى عين المكان للاستفسار عن مصيره وهناك هددهم ضابط بتصفيتهم إن هم استمروا في السؤال عنه.

وفي 24 من شهر يوليو بعد 11 يوما من القبض عليه، أبلغ أحد الأشخاص أخ الضحية أن مظليي الفيلق الخامس المرابط بالثكنة العسكرية بالميلية قد أعدم العديد من المواطنين ورمى بجثتهم على قارعة الطريق بالمكان المسمى تنفدور، واحتمال وجود جثة أخيه بينها.

فتوجه إلى المكان المذكور وتعرف على أخيه وسط العديد من الجثث المشوهة بفعل الطلقات النارية والتعذيب. وكانت يدي محمد بلعمرانية مربوطة خلف ظهره بسلك حديدي وجسمه مشوه بالطلقات النارية ويحمل علامات واضحة للتعذيب.

قصد الأخ المقر المركزي لشرطة الميلية، وأبلغ السلطات بالواقعة، وبعد انتظار طويل قامت الشرطة بنقل جثث الضحايا إلى مشرحة المستشفى المحلي. لكن ورغم الشكوى التي تقدم بها أقارب الضحية إلى وكيل الجمهورية بالميلية ومساعيهم المختلفة لم تفتح السلطات أي تحقيق في عمليات القتل خارج نطاق القضاء. وعندما طالبت الأسرة بالجثة طلب منها ضباط الشرطة مقابلا ماديا حددوه في 120.000 دينار جزائري إضافة إلى التوقيع على اعتراف مكتوب تشهد فيه بأن االضحية ينتمي إلى جماعة إرهابية. وكانت هذه ممارسة سارية خلال تلك الفترة بهدف التغطية على الجرائم التي ترتكبها قوات الأمن الجزائرية ضد المدنيين. وأمام احتجاج جميع أفراد العائلة ورفضهم توقيع الاعتراف أو دفع "الإتاوة" التي أراد رجال الشرطة فرضها عليهم تسلموا الجثة دون تشريح بعد أن قامت السلطات بوضعها في صندوق وإغلاقه بإحكام وأمرتهم  بدفنه دون فتحه.

أمام استحالة الحصول على العدالة في الجزائر قرر أقارب محمد بلعمرانية رفع تظلمهم إلى الهيئات الدولية. فقامت الكرامة نيابة عنهم بتقديم شكوى إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في الأمم المتحدة.

قرار اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

استجاب خبراء اللجنة المعنية بحقوق الإنسان إلى طلب ذوي الحق واعترفوا بانتهاك الدولة الجزائرية للعديد من أحكام العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وخصوصا الفقرات 3 و 6 و 7 من المادة الثانية المتعلقة بالحق في التظلم أمام الهيئات الوطنية والحق في الحياة وحظر التعذيب.

وذكَّرت اللجنة في قرارها بتقاعس السلطات الجزائرية عن التعاون معها وتزويدها بالمعلومات بشأن القضية. وامتناعها عن الرد على الشكوى رغم تذكيرها أربع مرات من قبل الخبراء الأمميين. وذكرت اللجنة بأن الدول الأطراف في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسة " ملزمة بالتعاون معها ومن واجبها فتح تحقيقات معمقة بشأن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان المزعوم ارتكابها، وخصوصا التي تتعلق بانتهاك الحق في الحياة، كما يتوجب عليها متابعة كل المتورطين في تلك الانتهاكات وتقديمهم للمحاكمة ومعاقبتهم".

وخلصت اللجنة إلى أن  "حرمان محمد بلعمرانية من الحق في الحياة بالغ الخطورة لأنه أعدم خارج نطاق القضاء من طرف عناصر في الجيش النظامي".

ودعت اللجنة السلطات الجزائرية إلى الاستجابة لمطالب الضحايا والكف عن التذرع بميثاق المصالحة والسلم، الذي يحصن موظفي الدولة ويحميهم من المتابعة. وذكرت بأن إعفاء المسؤولين عن الجرائم الخطيرة لحقوق الإنسان من المتابعة يتعارض مع التزامات الجزائر الدولية ويساهم في خلق بيئة الإفلات من العقاب في البلاد.

الخطوات المقبلة

أمهلت اللجنة الأممية الحكومة الجزائرية مائة وثمانين يوما لإطلاعها على التدابير التي اتخذتها لتفعيل قرارها. وستتابع الكرامة عن كثب تعامل السلطات مع هذا القرار الهام لضمان احترام حقوق الضحايا وكرامتهم.

لمزيد من المعلومات

الرجاء الاتصال بالفريق الإعلامي عبر البريد الإلكتروني
media@alkarama.org
أو مباشرة على الرقم
0041227341008