الجزائر: الدرك الوطني يعذب لخضر قليل بأداة تلحيم

.

كان السيد لخضر قليل، البالغ من العمر 71 سنة والأب لاثنين، يعمل سائقا لسيارة أجرة بمدينة الجلفة حين اعتقله رجال الدرك الوطني في 31 يوليو 1996 ووجهوا له تهمة عدم التبليغ عن أشخاص نقلهم على متن مركبته إلى عين وسّارة المجاورة. وأخبروه أن الرجال مبحوث عنهم بتهمة الإرهاب. وعلى الرغم من تصريحاته بأنه لا يعرفهم وأنه نقلهم كأي زبائن آخرين بمقابل مادي، إلا أنهم لم يصدقوه ونقلوه إلى مقر الدرك بعين وسارة حيث قاموا بتعذيبه بقسوة بالغة.

جربوا فيه كل تقنيات التعذيب التي كانت تمارس إبان العشرية السوداء لإكراهه على الاعتراف بعلاقته المفترضة مع المشتبه فيهم؛ ضربوه بالسياط حتى سال دمه، ثم عدبوه بالشيفون (محاكات الإغراق) إلى أن أغمي عليه عدة مرات. وعندما لم يصلوا إلى مبتغاهم أوقدوا النار في آلة تلحيم وأحرقوا مناطق مختلفة من جسمه لإجباره على التوقيع على محاضر التهم الملفقة.

أغمي على لخضر من شدة الآلام، ولم يستيقظ إلا وهو في المستشفى المحلي حيث نقله رجال الدرك كي لا يموت في مقرهم. وهناك أخبرهم الطبيب بأن حالته سيئة للغاية نظرا لخطورة الحروق التي تعرض لها، خصوصا على مستوى اليد اليسرى والذراع. سارع رجال الدرك بعرضه على وكيل الجمهورية بعين وسارة. ورغم أن القانون يلزمهما بطلب خبرة طبية وفتح تحقيق، لم يعر لا هو ولا قاضي التحقيق أي اهتمام لشكواه بتعرضه للتعذيب و لا للحروق البليغة والجروح التي غطت جسمه بالكامل، وقررا تمتيعه بالسراح المؤقت، خوفا دون شك من أن يلفظ أنفاسه بالسجن.

وفي اليوم التالي 6 أغسطس، توجه لخضر إلى الطبيب الشرعي بمستشفى جلفة الذي حرر له شهادة بالجروح والإصابات، ونصحه بالتوجه فورا إلى مستعجلات مستشفى مصطفى بالجزائر، وهناك أخبره الأطباء بأنهم لا يستطيعون إنقاذ ذراعه الأيسر نظرا للحروق البليغة وقاموا ببترها.

لبث الأخضر بالمستشفى طيلة شهرين وعاد إلى منزله في الجلفة حيث ظل طريح الفراش لعدة أشهر، في فقر مدقع لا يستطيع أن يغطي مصاريف علاجه ولا حاجيات أسرته بعد أن استولى رجال الدرك على سيارته، مورد رزقه الوحيد.

Lakhder Guellil File Page 10

انطلقت محاكمته أمام المحكمة الجنائية للجلفة في 28 فبراير 1998، وقدم محاميه للقضاة دلائل تعرضه للتعذيب وملفا طبيا كاملا يتضمن رزمة من الشهادات الطبية. لكن كل ذلك لم يشفع له أمام القضاة الذين تجاهلوا كل الحجج وأمروا بعد محاكمة مختصرة بسجنه 15 عاماً.

كان وقع الظلم كارثيا على نفسية لخضر إذ أصيب بداء السكري وفقد بصره، قبل أن يفرج عنه في 2 مارس 2006 بعد ثماني سنوات طويلة من الاعتقال التعسفي في سجن البرواقية.

خرج معاقا بعاهات مستديمة غير قادر على العمل ووجد نفسه بدون مورد رزق. حاول في البداية الحصول على العدالة والانتصاف فوجه الشكاوى والطلبات إلى جميع السلطات القضائية والسياسية للبلاد، بما في ذلك إلى رئيس الجمهورية، لكن نداءاته ظلت بدون جواب.

بعد سنوات من النضال من أجل حقوقه، وانسداد كل الأبواب في وجهه، واقتناعه بعدم جدوى مساعيه في بلده الجزائر بسبب ما يطلق عليه "ميثاق السلم والمصالحة الوطني" الذي يحظر أي إجراءات قانونية ضد الجرائم التي ارتكبتها أجهزة الأمن الجزائرية خلال الحرب الأهلية، قام بتوكيل الكرامة للنيابة عنه في رفع شكواه إلى الأمم المتحدة.

أخطرت الكرامة في 29 يناير 2016 خبراء لجنة مناهضة التعذيب بالأمم المتحدة بحالة السيد لخضر ، والتمست منهم مطالبة حكومة الجزائر بالاعتراف بالانتهاكات الجسيمة التي ارتكبها موظفو الدولة في حقه وإنصافه بما يتناسب وحجم الضرر الذي لحقه، ومتابعة كل المتورطين في هذه الجريمة.

لمزيد من المعلومات
الرجاء الاتصال بالفريق الإعلامي عبر البريد الإلكتروني
media@alkarama.org
أو مباشرة على الرقم 06 10 734 22 0041