قدّمنا 21 مذكرة بشأن 7 حالة فردية إلى آليات حقوق الإنسانة
أعلن الرئيس محمد ولد عبد العزيز، خلال سنة 2016، عن نيته في تعديل الدستور، إلا أن المعارضة انتقدته واعتبرت أنه يناور من أجل الترشح لولاية ثالثة. انطلقت في 29 سبتمبر 2016 أشغال الحوار الوطني الذي استمر عشرة أيام وشارك فيه حوالي 450 شخصاً للنظر في تعديل الدستور. ثم أعلن الرئيس بعد الحوار عن تخليه عن التعديل المتعلق بالترشح لعهدة ثالثة واستعداده لتنظيم استفتاء وطني بشأن الدستور في 2017.
في مايو 2016، قام فليب آلستون المقرر الخاص المعني بمسألة الفقر المدقع وحقوق الإنسان بزيارة لموريتانيا وسلط الضوء على العديد من القضايا بما في ذلك استمرار ممارسة العبودية رغم إلغائها سنة 1981وتجريمها سنة 2007. وقدّر مؤشر الرق العالمي The Global Slavery Index أن 43000 شخص في موريتانيا، أي ما يعادل 1.06% من مجموع السكان، يعانون إما من العبودية التقليدية أو المعاصرة. وأيضاً في مايو 2016، قضت المحكمة الجنائية المتخصصة في محاربة العبودية، المنشأة حديثاً، بمعاقبة شخصين، إلا أن الاسترقاق لا زال مستمراً. وتوضح حالات الانتقام من النشطاء المناهضين للرق التي تتوصل بها الكرامة أن ممارسة الرق لاتزال قائمة في البلاد.
واصلت سلطات البلاد خلال سنة 2016 مضايقاتها القضائية ضد المدافعين عن حقوق الإنسان وخصوصاً النشطاء المناهضين للعبودية. وما إن أطلقت سراح بيرم ولد داه ولد عبيد وإبراهيم ولد بلال رمضان في 19 مايو 2016، حتى ألقت القبض على مجموعة من النشطاء المناهضين للاسترقاق وقدمتهم للمحاكمة بعد أقل من شهرين. وبالفعل ألقي القبض في يوليو 2016 على أعضاء من مبادرة إحياء حركة إلغاء الرق «إيرا» بذريعة مشاركتهم في المواجهات التي وقعت في 29 يونيو بين قوات الأمن والسكان أثناء الإخلاء القسري للأحياء العشوائية قرب العاصمة نواكشوط. ورفعت الكرامة نداء عاجلا إلى مجموعة من الإجراءات الخاصة ملتمسة منها دعوة سلطات البلاد إلى الإفراج الفوري عنهم وإسقاط جميع التهم الموجهة إليهم. و في 18 أغسطس أصدرت «العدالة» الموريتانية، في حقهم عقوبات سجنية تراوحت بين 3 و 15 سنة سجناً إثر محاكمة لم تحترم شروط العدالة واستندت على اعترافاتهم المنتزعة تحت التعذيب.
في 19 أكتوبر اعتبر سبعة من خبراء الأمم المتحدة في بيان لهم أن تلك المحاكمات جرت بدوافع سياسية، وأكدوا أن السلطات الموريتانية، معروفة بعدائها لانتقادات المجتمع المدني، وعدم التسامح مع المجموعات كمنظمة «إيرا» التي تنشط للقضاء على الرق وينتمي جل أعضائها إلى أقلية الحراطين.
ساهمت الكرامة في استعراض اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في نوفمبر 2016 أمام اللجنة الفرعية المعنية بالاعتماد التابعة للجنة التنسيق الدولية للمؤسسات الوطنية لتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها. وقدمت بهذه المناسبة تقريرا بالاشتراك مع ثمانية منظمات محلية غير حكومية، أثارت فيه مجموعة من القضايا المثيرة للقلق، وخصوصاً عدم شفافية واستقلالية اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان.
فعلى الرغم من إصلاحها سنة 2012 إلا أن استقلاليتها لا زالت موضوعا للمساءلة لأنها خاضعة للجهاز التنفيذي الذي يقوم أيضا بتعيين أعضائها ويقصي المنظمات الحقوقية المعروفة بنشاطها وانتقادها دون تقديم أية مبررات. في أبريل 2016 أصدرت العديد من المنظمات غير الحكومية بيانا انتقدت فيه التعتيم الذي يسود عملية التعيين.
من جهتها تلاحظ الكرامة أن اللجنة الوطنية فشلت في اكتساب ثقة أغلبية المنظمات التي تعمل على القضايا الحساسة كالعبودية والتعذيب والاعتقال التعسفي ولم تتطرق علنيا إلى أي من تلك الانتهاكات منذ إنشائها. وتدين المنظمات المحلية اصطفاف اللجنة مع الموقف الرسمي بإعلانها عن القضاء على العبودية وتنويهها بعدم لجوء قوات الأمن للتعذيب، متجاهلة العديد من القضايا التي جرى توثيقها في البلاد.
خلصت الكرامة، على ضوء هذه النتائج، إلى أن اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان لا تمتثل تماماً لمبادئ باريس، ولا تقوم بالتالي بالدور المتوقع منها كمؤسسة مصنّفة في الفئة (أ). لذا أصدرت الكرامة ثماني توصيات للّجنة تهدف بشكل خاص إلى تمتين استقلاليتها وتعزيز ثقة المواطنين والمجتمع المدني بها، وتحسين فعالية آلية الشكاوى الفردية التي تتبعها والتعريف بها ونشرها لتصل إلى عامة الناس، واعتماد نهج انتقادي بنّاء إزاء ممارسات الحكومة. وستقوم اللجنة الفرعية المعنية بالاعتماد التابعة للجنة التنسيق الدولية للمؤسسات الوطنية لتعزيز حقوق الإنسان بنشر تقريرها بشأن تقييمها للّجنة الوطنية لحقوق الإنسان.
في الفترة الممتدة من 25 يناير و3 فبراير 2016 قام خوان منديز المقرر الأممي الخاص المعني بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة بزيارته الأولى لموريتانيا لتقييم الوضع بشأن هذه الممارسة في البلاد. وكانت الكرامة قد وجهت إليه مذكرة تؤكد فيها على القصور في الآليات الفعالة للوقاية من التعذيب والتحقيق في الحالات. وقد ردّد المقرر الخاص بعد زيارته مشاغل الكرامة مشيراً إلى أن «الإجراءات الوقائية ضد التعذيب موجودة لكنها غير عملية»، وأشار إلى غياب التحقيقات في مزاعم التعذيب والنقص في الخبرة الطبية الشرعية. كما أثار ظروف الاعتقال غير الإنسانية ودعا سلطات البلاد إلى تصحيح الوضع والعمل على مطابقتها مع المواصفات الدولية.
تعتبر ممارسة التعذيب بهدف الحصول على اعترافات يتم الاستناد إليها في المحاكمات الجائرة من أكثر القضايا إثارة للقلق في البلاد. ونضرب هنا المثل بحالة المواطن المالي يايا سيسي التي تظهر بشكل واضح هذه الظاهرة ؛ اعتقل تعسفيا وحكم عليه بالإعدام إثر محاكمة لم تحترم مواصفات المحاكمة العادلة. وقد أخطرت الكرامة الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي بهذه الحالة ودعته للتدخل لدى السلطات الموريتانية لمطالبتها بالإفراج عنه والعمل على ضمان محاكمات عادلة لكل المعتقلين واستبعادها للاعترافات المنتزعة تحت التعذيب.
قامت اللجنة الفرعية لمنع التعذيب بزيارة لموريتانيا في أكتوبر 2016 بعد توقيع الأخيرة على البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب. لاقت الزيارة ترحيب المجتمع المدني المحلي. وقام الخبراء بتقييم عمل اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان التي كلّفت بإنشاء آلية وقاية وطنية ضد التعذيب يخوّل لها صلاحية زيارة مراكز الاعتقال في البلاد. ونبهوا أنها تواجه تحديات كبيرة خصوصا بالنسبة للاستقلالية والتمويل
في 16 مارس 2016 أصدر الفريق العامل المعني بالاستعراض الدوري الشامل تقريره المتضمن للتوصيات التي وجهتها الدول الأعضاء إلى الحكومة الموريتانية إثر استعراض سجلها الحقوقي في نوفمبر 2015. وفي إطار التحضير لهذه العملية قامت الكرامة برفع تقرير إلى مجلس حقوق الإنسان بشأن الحالة الحقوقية في البلاد تطرقت فيه إلى العديد من القضايا كاستمرار ممارسة التعذيب والعبودية والاعتقال التعسفي وسوء معاملة المحتجزين إضافة إلى القيود المفروضة على حرية الرأي والتعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات، الأمر الذي قلّص مجال عمل جمعيات المجتمع المدني في البلاد.
زوّدت الكرامة قبل عميلة الاستعراض الدول الأعضاء بموجز عن أهم انشغالاتها، وقامت الأخيرة بمطالبة السلطات الموريتانية بمعالجة جل القضايا التي أثارتها مؤسستنا. طالبت العديد من الدول بتعزيز مكافحة العبودية وحظر التعذيب والإفراج عن المدافعين عن حقوق الإنسان المعتقلين تعسفياً. إلا أن موريتانيا لم تقبل بالتوصيات التي تدعوها إلى اتخاذ خطوات فعالة لوقف انتهاكات حقوق الإنسان كالإفراج عن المعتقلين تعسفيا، أو سن قوانين تمنع وتجرم انتهاكات حقوق الإنسان والعمل بها والتصديق على الصكوك الأساسية كالبرتوكول الأول الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.