للمتابعة

  • 18 مارس 2017: تقديم تقرير المتابعة إلى اللجنة المعنية بحالات الاختفاء القسري.
  • 31 مارس 2017: تقديم تونس لتقريرها الوطني المتأخر بخمس سنوات بشأن الاستعراض الدوري السادس أمام اللجنة المعنية بحقوق الإنسان؛
  • 2 مايو 2017: الاستعراض الدوري الشامل الثالث لتونس أمام مجلس حقوق الإنسان؛
  • 13 مايو 2017: تقديم تقرير المتابعة إلى لجنة مناهضة التعذيب.

توصياتنا

  • تعديل قانون مكافحة الإرهاب رقم 22/2015 وضمان امتثاله للمعايير الدولية لحقوق الإنسان؛
  • ضمان احترام مبدأي التناسب والضرورة لدى التمديد لحالة الطوارئ في البلاد كذلك عند تنفيذ التدابير المقيدة للحريات ومراعاة عدم التمييز في تطبيقها؛
  • ضمان استقلال السلطة القضائية وحمايتها من تدخل السلطة التنفيذية؛
  • منح هيئة الحقيقة والكرامة الوقت والوسائل المطلوبة لتوثيق الانتهاكات التي ارتكبت في ظل النظام السابق ومحاكمة المسؤولين عنها؛
  • إجراء إصلاحات فعالة في قطاع الأمن ووضع حد لإفلات رجال الأمن من العقاب.

انشغالاتنا

  • انتهاكات الضمانات الإجرائية والحقوق الأساسية تحت ذريعة مكافحة الإرهاب؛
  • قيود غير مبررة على الحق في حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات في ظل حالة الطوارئ؛
  • استمرار ممارسة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة أثناء الاحتجاز؛
  • تدخل السلطة التنفيذية في الإجراءات القضائية وإفلات رجال أمن الدولة من العقاب بشأن ما اقترفوه من انتهاكات ما قبل وما بعد الثورة.

تشهد تونس فترة انتقالية منذ العام 2012. لكن مسار العدالة الانتقالية، لم يفلح بفرض إصلاحات على القطاع الأمني، وماتزال السلطة التنفيذية تمارس هيمنتها على القضاء. الأمر الذي أدى إلى عودة الانتهاكات التي عهدتها تونس ما قبل الثورة؛ من اعتقالات تعسفية وتعذيب واستخدام مفرط للقوة من قبل الشرطة، لا سيما بذريعة مكافحة الإرهاب.
في أكتوبر 2016، جدد رئيس تونس الباجي قائد السبسي إعلان حالة الطوارئ في البلاد لثلاثة أشهر إضافية، بعدما دخلت حيز التنفيذ منذ 24 نوفمبر 2015، وتمّ تمديدها لعدة مرات منذ ذلك الحين. ما يعني أن وزارة الداخلية ماتزال تفرض القيود على حرية التنقل، من أجل وقف كل مظاهر الإضرابات والاحتجاجات، ومنع وتفريق التجمعات السلمية التي ترى فيها تهديداً للنظام العام، واعتقال كل من تعتبر نشاطه خطراً على الأمن والنظام العام.
وفي الشهر نفسه، باشرت الحكومة التونسية الجديدة مهامها برئاسة رئيس الوزراء الجديد يوسف الشاهد، القيادي في حزب نداء تونس الذي فاز في الانتخابات التشريعية والرئاسية أواخر 2014.
وفي 17 نوفمبر 2016، عقدت هيئة الحقيقة والكرامة، المحدثة في العام 2014 للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان في البلاد منذ العام 1955، أولى جلساتها العامة في تونس. فكانت لأول مرة منذ الثورة، فرصة لضحايا الدكتاتورية للإدلاء بشهاداتهم على العلن. وقد اعترف الرئيس السابق زين العابدين بن علي في تصريح علني أن ثمة «أخطاء وتجاوزات وانتهاكات» ارتكبت فعلاً خلال فترة رئاسته.

انتهاكات حقوق الإنسان في ظل مكافحة الإرهاب

هزت هجمات إرهابية البلاد في العام 2015، اتّخذت على أثرها تدابير إضافية لمكافحة الإرهاب، زادت من القيود المفروضة على الحريات والحقوق الأساسية. ثمّ أعلنت الحكومة لاحقاً عن اعتقال الآلاف من «المشتبه بضلوعهم في الإرهاب»، وفي العام 2016، تم وضع مئات الأشخاص رهن الإقامة الجبرية، وفرض حظر السفر على أكثر من 15،000 شخص ممّن اعتبروا «إرهابيين محتملين». وسادت ممارسات الشرطة في استخدام القوة المفرطة والمداهمات الليلية؛ وقد تمّ على مدى بضعة أشهر، إغلاق أحياء بأكملها وتنفيذ عمليات بحث جماعية بطريقة تعسفية دونما مراعاة للضوابط القانونية الواجب احترامها.
ورغم تقديم العديد من التقارير التي تثبت الانتهاكات المنهجية التي ترتكبها قوات الأمن، وغياب التحقيقات المستقلة والنزيهة ومساءلة الفاعلين، أقرّ مجلس نواب الشعب بتاريخ 24 يوليو 2015، قانوناً جديداً لمناهضة الإرهاب منح بموجبه الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون سلطات واسعة. يشمل هذا القانون تعريفاً فضفاضاً للإرهاب ويفتح المجال أمام الاعتقالات التعسفية، لكن الأخطر هو مدة الاحتجاز الاحتياطي قبل توجيه الاتهام للموقوفين والتي قد تصل إلى 15 يوماً، في حين تحددها المعايير الدولية في 48 ساعة فقط. كما لا يسمح للموقوفين بالتواصل مع محامييهم طيلة فترة الحراسة النظرية، ما يرقى بتلك الممارسات المنهجية إلى مستوى الاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي والاعتقال السري للمشتبه بتورطهم في الإرهاب.
جرى تعديل قانون الإجراءات الجزائية في يونيو 2016، وأعطي الحق للمشتبه بتورطهم في الإرهاب بالتواصل مع محامين أثناء فترة احتجازهم، في حين ظلّت فترة الحبس الاحتياطي تمتد لـ 15 يوماً. بيد أنّ الاعتراف بهذا الحق ظلّ مقيّداً، إذ لا يسمح لهم بالتواصل مع محاميهم إلا بعد مرور 48 ساعة على احتجازهم لدى الشرطة، على ألا يتعدى وقت اللقاء 30 دقيقة. وفي الممارسة العملية، يُشاع الاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي والتعذيب لغرض انتزاع الاعترافات، والتي يركن إليها كأدلة قانونية خلال المحاكمة. كما أهملت العديد من مزاعم التعرض للتعذيب التي أدلى بها الضحايا أمام المحاكم المحلية، ولم يتّخذ أي قرار بشأن إبطال الاعترافات تحت الإكراه حتى الآن، وبالتالي ظلّ العديد من المشتبه بهم رهن الاعتقال التعسفي بسبب محاكمات جائرة.

حماية هشة لحقوق الإنسان وسيادة القانون بعد الثورة

ألقت التحديات الأمنية والسياسية والاقتصادية التي شهدتها تونس بعيد الثورة، بثقلها على الوضع العام لحقوق الإنسان وسيادة القانون. وشكلت هذه الملاحظة بالتحديد جوهر التقرير الذي قدّمته الكرامة إلى مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة في سبتمبر 2016. حيث وصّف حالة حقوق الإنسان في البلاد وأدرج 16 توصية إلى السلطات التونسية، في إطار الاستعداد للاستعراض الدوري الشامل الثالث لتونس، والذي سيعقد في مايو من العام 2017.
أثارت الكرامة في تقريرها القضايا المذكورة أعلاه والتي تفرضها سياسة الأمن ومكافحة الإرهاب التي تنتهجها الدولة، والتي تعتبر الأكثر إلحاحًا منذ تمديد حالة الطوارئ، في ظل تجاهل تام لمبدأي الضرورة والتناسب. وكان لإطالة أمد حالة الطوارئ خلال العامين الماضيين أثراً سلبياً على الحقوق الأساسية، لا سيما الحق في التجمع السلمي وتكوين الجمعيات. إذ لا تتوانى السلطات عن اللجوء إلى قانون الطوارئ لتبرير منع وحظر التجمعات السلمية؛ ولم تعد القوة المفرطة والعنف اللذين تمارسهما الشرطة لتفريق المظاهرات والاحتجاجات ضرباً من الماضي، إنما ممارسة منهجية مستمرة.
وفي هذا السياق، شددت الكرامة على ممارسة قديمة متجدّدة ومقلقة في آن واحد، تتمثّل في تدخل السلطة التنفيذية في الإجراءات القضائية، لوقف مساءلة ومتابعة أعوان الدولة، المتّهمين بتعرضهم للضحايا بالضرب والتعنيف وغيرها من الانتهاكات. ناهيك عن أن تعديل نظام الحراسة النظرية في يونيو 2016 أخفق في ضمان احترام الحقوق الأساسية للمحتجزين من قبل رجال الأمن. ورغم الإيجابيات التي أدخلها قانون الإجراءات الجزائية الجديد، من جهة، كالحد من مدة الحبس على ذمة التحقيق في القضايا الجنائية لمدة 48 ساعة فقط والسماح للمعتقلين منذ لحظة القبض عليهم بالتواصل مع محاميهم، نجد من جهة أخرى، أن الفحوص الطبية التي قد تحدّ من التجاوزات فيما لو تمت بطريقة تلقائية وحق المعتقل في الطعن بقانونية اعتقاله، أمران لا يزالان غير مضمونين.
وأخيراً، شدّدت الكرامة على أن إفلات رجال الأمن من المساءلة والملاحقة القضائية مسألة جوهرية لمعالجة انتهاكات الماضي والحاضر. وفي هذا الصدد، أشارت إلى شحّ المصادر وقلة الوقت الممنوح لهيئة الحقيقة والكرامة، اللذين يحولان دون توصلها إلى الحقيقة أو السماح لها بتوثيق شامل للانتهاكات. فلم يُسجّل حتى تاريخه أية إحالة لقضايا تتعلق بانتهاكات جسيمة، حصلت إبان النظام السابق، أمام المحاكم المتخصصة التي أنشئت لغرض اتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة. كما أعربت عن قلقها من غياب التحقيق والمساءلة، في ظلّ غياب الإصلاح الجاد في القطاع الأمني، ما يعزّز مناخ الإفلات من العقاب ويسهّل تكرار الممارسات السابقة.

استعراض تونس أمام هيئات الأمم المتحدة المنشأة بموجب معاهدات للمرة الأولى بعد الثورة

خضعت تونس خلال العام 2016، للمراجعة أمام اثنين من هيئات الأمم المتحدة المنشأة بموجب معاهدات. فكان استعراضها لأول مرة في تاريخها أمام اللجنة المعنية بحالات الاختفاء القسري. ولأوّل مرة بعد الثورة، أمام لجنة مناهضة التعذيب. أثارت كلتا الهيئتان بواعث قلقها وسلطت الضوء على الحاجة إلى معالجة انتهاكات الماضي من خلال التحقيقات والمتابعات القضائية، فضلا عن الحاجة إلى اتخاذ التدابير اللازمة لضمان عدم تكرارها.
ففي 7و 8 مارس 2016، راجعت اللجنة المعنية بحالات الاختفاء القسري تقرير تونس الأول إلى اللجنة وردّدت ذات المخاوف التي أعربت عنها الكرامة في تقريرها الموازي. ودعا خبراء اللجنة السلطات إلى فتح تحقيقات حول حالات الاختفاء القسري التي حصلت قبل الثورة ومحاكمة المسؤولين عنها. ولضمان عدم تكرار تلك الممارسات، طالبوا تونس بتنقيح تشريعاتها من أجل تجريم ممارسة الاختفاء القسري بشكل منفصل، وضمان السماح لجميع المعتقلين بالتواصل مع أسرهم ومحاميهم منذ بداية الاعتقال، حتى ولو تم ذلك في سياق مكافحة الإرهاب. وأوضح الخبراء استناداً إلى معلومات أدرجتها الكرامة في تقريرها، أنه حتى لو اعتقد ممثلو الدولة أن لا وجود لممارسة الاختفاء القسري في فترة ما بعد الثورة، لا بد أن يعلموا أن ممارسة الاعتقال السري تعتبر اختفاءً قسرياً ولو كانت لفترة قصيرة.
أصدرت لجنة مناهضة التعذيب عقب استعراض تونس في 9 يونيو عام 2016، ملاحظاتها الختامية، وساهمت الكرامة فيها عبر تقريرها الموازي الذي قدّمته إلى اللجنة وأدرجت فيه أبرز انشغالاتها التي ناقشتها مع الخبراء خلال جلسة الإحاطة التي تعقد عادة مع المنظمات غير الحكومية قبيل الاستعراض.
وأعربت اللجنة عن قلقها لإهمال التحقيق في مزاعم التعذيب وتدخل السلطة التنفيذية في مثل هذه الحالات، ما يقف حائلاً دون الاستقلالية المطلوبة في محاكمة الموظفين المسؤولين عن إنفاذ القانون. ناهيك عن الأعمال الانتقامية التي يتعرض لها الضحايا وعائلاتهم بسبب فضحهم لما يتعرضون له من تعذيب وسوء معاملة.
رحّب الخبراء الأمميون بتعديل قانون الإجراءات الجزائية، لكنهم في الوقت نفسه عبّروا عن قلقهم لعدم قدرة المشتبه بهم على الطعن في قانونية اعتقالهم. كما دعوا السلطات إلى ضمان إدراج أسماء الموقوفين منذ بداية الاعتقال في سجلّ عام يَسهل الوصول إليه، لتجنب الاعتقالات السرية، على أن يشمل السّجل وبشكل تلقائي المعلومات الأساسية عن المعتقل مثل وقت الاعتقال ومكان الاحتجاز.
يعي الخبراء الصعوبات التي تواجهها تونس نظراً للوضع الأمني الحالي، لكنهم في الوقت عينه يدعون الدولة إلى تعديل قانون مكافحة الإرهاب وتعريف الأعمال الإرهابية بشكل أدق، وتقليص مدة الحراسة النظرية التي تسبق الاتهام، والقضاء على جميع أشكال الاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي.