للمتابعة

  • مارس 2017: اعتماد الوثيقة الختامية للاستعراض الدوري الشامل.

توصياتنا

  • وضع حد للانتهاكات الجسيمة والمنهجية للقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان ومكافحة ظاهرة الإفلات من العقاب؛
  • اتخاذ جميع التدابير اللازمة لحماية المدنيين والأهداف المدنية وفقا لمبادئ القانون الدولي؛
  • وضع حد لقمع الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان والجهات الفاعلة الإنسانية، وضمان احترام وحماية الحقوق الأساسية.

انشغالاتنا

  • آثار النزاع المسلح المدمرة لا سيما على المدنيين؛
  • انتشار ممارسة الاختفاء القسري بشكل منهجي وواسع النطاق؛
  • انتشار ممارسة التعذيب بشكل منهجي وواسع النطاق وحالات الوفاة داخل مراكز الحبس الاحتياطي؛
  • إفلات مرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية من العقاب.

دخلت الحرب السورية عامها السادس في مارس عام 2016. وقدر المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا، عدد الضحايا بـ 400.000 أي ضعفي التقديرات قبل عامين. وفي نهاية العام 2016، أعلن مكتب المفوض السامي لشؤون اللاجئين أن أكثر من 4.8 مليون سوري هجروا سوريا منذ العام 2011، بحثاً عن الأمان في البلدان المجاورة، لا سيما في لبنان والأردن والعراق وتركيا، كما في أوروبا وكندا. في حين نزح ملايين السوريين داخل بلدهم وما يزالون يتحملون وزر الحرب المفروضة عليهم.
تفاقم النزاع بسبب تدخل جهات خارجية، فضلاً عن الاشتباكات الواسعة النطاق بين القوات الحكومية ومختلف جماعات المعارضة المسلحة، وتنظيم الدولة الإسلامية. وتزايدت، خلال العام الماضي، وتيرة الغارات الجوية الروسية بقصفها العشوائي على المناطق المدنية، في حين ارتكبت مختلف الأطراف، من الجيش السوري والميليشيات الإيرانية واللبنانية والجماعات المتمردة، مجازر بشرية وعمليات إعدام خارج نطاق القضاء وحالات اختفاء قسري وتعذيب منهجي في انتهاك خطير للقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان. وعلى الرغم من اتهام مجلس الأمن الدولي لروسيا وللحكومة السورية بشكل مباشر، مرارا وتكرارا، بارتكاب جرائم حرب، إلّا أنّ أيا من الطرفين لم تتم معاقبته.
في 15 كانون الأول\ديسمبر 2016، سيطر الجيش السوري على كامل مدينة حلب، بما في ذلك الجزء الشرقي منها الذي دمّر بكامله تقريباً جرّاء قصف الطائرات الروسية الكثيف. بعد ذلك بأربعة أيام، أصدر مجلس الأمن الدولي بالإجماع القرار رقم 2328، وطالب جميع الأطراف بإتاحة «الوصول الكامل والفوري وغير المشروط، على نحو آمن ودون عوائق للأمم المتحدة وشركائها للاضطلاع بعمليات الإجلاء من كامل أحياء مدينة حلب، لا سيما الأحياء الشرقية».
وأخيراً، ورغم كل محاولات التفاوض من أجل إيجاد حل سياسي، لازال أفق عملية السلام مسدودا رغم ما أسفرت عنه المحادثات الدولية في جنيف في الأول من شباط\فبراير 2016 من آمال في إحلال السلام، إضافة إلى اتفاق «وقف الأعمال العدائية» الذي حظي بإجماع كامل من مجلس الأمن الدولي في 26 شباط\فبراير رقم 2268. كل ذلك انهار عند إطلاق أول رصاصة في 19 أيلول\سبتمبر 2016، لتصيب الاتفاق في مقتله وتسقط معه كل الآمال. كذلك، فشلت جميع مساعي مجلس الأمن الدولي في اتخاذ قرارات وقف إطلاق نار في سوريا بسبب الفيتو الروسي، على الرغم من الوضع الإنساني المتفاقم. ولا تزال طرق المحادثات الدولية مسدودة طالما لم يتوصل جميع الأطراف إلى اتفاق بشأن مصير الرئيس بشار الأسد، إلى جانب أمور أخرى.

انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني

في العام 2016 كما في الأعوام السابقة، ظلّ القانون الدولي الإنساني عرضة للانتهاك في سوريا بفعل الهجمات العشوائية التي نفّذتها القوات الحكومية والميليشيات التابعة لها بدعم من روسيا على المناطق المكتظة بالسكان، مما تسبّب بقتل الآلاف من المدنيين. وقد استخدمت السلطات الأسلحة الكيميائية والبراميل المتفجرة والذخائر العنقودية والأسلحة العشوائية المحرّمة دولياً بموجب القانون الدولي الإنساني وقرار مجلس الأمن رقم 2139 (2014) لشنّ تلك الهجمات، التي وصفها مجلس الأمن بجرائم الحرب.
بدأت القوات الحكومية السورية في 25 حزيران\يونيو 2016، ما أسمته بـ «معركة حلب» من أجل استعادة السيطرة على الجزء الشرقي من المدينة. وفي 18 تشرين الأول\أكتوبر، حاصر الجيش السوري حلب الشرقية وشنت الطائرات الروسية قصفاً جوياً عنيفاً على المنطقة. فكانت الحصيلة تدمير اثنين من أكبر مستشفيات المدينة، ما أسفر عن مقتل العشرات وحرمان الآلاف من المدنيين من الحصول على الرعاية الطبية اللازمة. وندّد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بالغارات الجوية التي تستهدف المستشفيات ومرافق الرعاية الصحية الأخرى واصفاً إيّاها بـ «جرائم الحرب».
كما أعلنت روسيا عن شنّ هجوم واسع على حلب الشرقية في 15 تشرين الثاني\نوفمبر 2016، في حين ظلّ أكثر من 250،000 مدنيا محاصرا في المدينة، وتضاءلت امدادات الغذاء والرعاية الطبية. ونتيجة لذلك، حاول عشرات الآلاف في الأسبوع الأخير من تشرين الثاني\نوفمبر، الفرار من المدينة بحسب ما أفاد به ستيفن أوبراين، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، بعدما تحولت إلى «مقبرة هائلة».
من جهة أخرى، شكلت المستشفيات ومرافق الرعاية الصحية الخاضعة لسيطرة قوات المعارضة أهدفاً للهجمات المباشرة من قبل القوات الحكومية، لا سيما بعد قرار الحكومة إعلان «عدم شرعية» عمل أي مرفق صحي في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة. واستمر الوضع الأمني بالتدهور السريع مع استمرار السلطات بمنع مرور المساعدات الإنسانية إلى المناطق المحاصرة رغم تعهدها بالقيام بذلك.

الممارسة المنهجية للتعذيب، وحالات الوفاة أثناء الاحتجاز

في العام 2016، ظلّ التعذيب الذي تنتهجه الأجهزة الأمنية الحكومية والميليشيات التابعة لها سائدا في جميع مراكز الاعتقال الرسمية والسرية. وتسري ممارسة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة على جميع المعتقلين دون استثناء. فلا فرق بين متهم بالمشاركة في المظاهرات الاحتجاجية أو داعم للمعارضة أو فرد من أفراد الجماعات المسلحة، أو حتى صحفي أو مدافع عن حقوق الإنسان أو منشق عن قوات الأمن أو امرأة أو طفل. يشجّع على ذلك غياب الإرادة للقضاء على هذه الممارسة لأنها جزء من سياسة الدولة لبث الرعب في القلوب وترويع المدنيين.
أظهرت العديد من الحالات التي وثقتها الكرامة خلال العام 2016 تفشي ظاهرة التعذيب في السجون السورية وفي مختلف مراكز الاعتقال السرية التابعة للنظام. وأدى تكرار التعذيب وطول مدّته وقساوته، على النحو السائد في جميع فروع الأجهزة الأمنية، إلى موت آلاف الضحايا خلال فترة الحبس الاحتياطي. في1 آب\أغسطس 2016، أحالت الكرامة قضية الناشط السوري أحمد حسون، البالغ من العمر 19 عاماً، والذي قضى نحبه في السجن بعد تعرضه للتعذيب، إلى المقررة الخاصة المعنية بحالات الإعدام خارج القضاء أو بإجراءات موجزة أو تعسفاً. وكما هو الحال في كثير من الحالات، أجبر الوالد على التوقيع على وثيقة تفيد بوفاة أحمد «بسبب أزمة قلبية»، ورغم ذلك لم يستطع استخراج شهادة وفاة له. وتجدر الإشارة هنا إلى أن تقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بالجمهورية العربية السورية الأخير الذي صدر في شباط\فبراير 2016 تحت عنوان «بعيد عن العين...بعيد عن الخاطر» تحدّث عن آلاف الأشخاص الذين ضربوا حتى الموت أو توفوا نتيجة لإصابات خطيرة تعرضوا لها بسبب التعذيب، ناهيك عن سوء ظروف السجن عامة والحرمان من الرعاية الطبية التي تعدّ هي أيضاً أسباباً للوفاة.

الاختفاء القسري: أداة للترهيب

تعتبر ممارسة الاختفاء القسري بموجب نظام روما الأساسي جريمة ضد الإنسانية. وقد شهد العام 2016 تصاعداً مطّرداً في عدد ضحايا هذه الممارسة، التي باتت أداة قمع للنشطاء السياسيين والمدافعين عن حقوق الإنسان والعاملين في المنظمات الإنسانية بالإضافة إلى المواطنين العاديين.
يعتقل معظم ضحايا الاختفاء القسري عادة عند الحواجز العسكرية أو خلال مداهمات تقوم بها أجهزة الأمن الحكومية أو الميليشيات دون إبراز مذكرات قضائية أو تبرير لأسباب الاعتقال، ثمّ يكدسون داخل معتقلات سرية ويتعرضون للتعذيب بل وحتى الإعدام خارج القضاء. تبث هذه الممارسات المنهجية الرعب وبالتالي تخشى أسر الضحايا من التنديد بها خوفاً من ملاقاتهم مصيرا مماثلا. وفي الحالات النادرة التي يتمكن الأهل من مراجعة السلطات المحلية تنفي هذه الأخيرة أية علاقة لها من قريب أو من بعيد بالقضية.
قدمت مؤسسة الكرامة ومنظمة حماة حقوق الإنسان في العام 2016، إلى الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي في الأمم المتحدة قرابة 60 حالة، على الرغم من الصعوبات المتزايدة التي تقف في وجه المحامين والنشطاء وأسر الضحايا أثناء عملية التوثيق الميدانية. في حين تنتظر 190 حالة أخرى تقريباً منذ آب\أغسطس 2016، للوصول إلى الفريق العامل. حالات وأرقام ليست سوى غيض من فيض، فعشرات الآلاف من الأسر مازالت تجهل مصير ومكان احتجاز ذويها الذين اعتقلوا أو اختطفوا على أيدي قوات الأمن الحكومية أو الميليشيات الموالية لها. ناهيك عن العديد من حالات الاختفاء القسري التي ارتكبتها الجماعات المسلحة الأخرى، كتنظيم الدولة الإسلامية أو جبهة النصرة أو وحدات حماية الشعب الكردية، وقدّمتها الكرامة إلى لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن الجمهورية العربية السورية.


 

 

231 توصية عقب الاستعراض الدوري الشامل لسوريا

جرى في العام 2016 الاستعراض الدوري الشامل الثاني لسوريا أمام مجلس حقوق الإنسان، وهي عملية تتم كل أربع سنوات لمراجعة السجلّ الحقوقي لجميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة من قبل مجلس حقوق الإنسان، وجرى على شكل مناقشة تفاعلية بين الدولة قيد الاستعراض وباقي الدول الأعضاء في الأمم المتحدة. ويسمح للمنظمات غير الحكومية تقديم مساهمتها بالمعلومات التي تتوفر عليها والتي قد تكون مرجعا للدول المشاركة في الاستعراض.
وأصدر الفريق العامل المعني بالاستعراض الدوري الشامل، في 4 تشرين الثاني\نوفمبر 2016، مسودة تقرير تضمّنت التوصيات المقدمة من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى سوريا في إطار الاستعراض المعقود في 31 تشرين الأول\أكتوبر 2016. وقد أعربت الدول الأعضاء عن قلقها من تردي أوضاع حقوق الإنسان في سوريا والانتهاكات الجسيمة لقانون حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، وانتشار ممارسة التعذيب والاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري، إضافة إلى الهجمات ضد المدنيين والمستشفيات، وعدم التعاون مع الأمم المتحدة، لا سيما مع لجنة التحقيق الدولية المستقلة. وهي القضايا التي أثارتها الكرامة في تقريرها الذي قدّمته في آذار\مارس 2016 إلى المجلس أثناء التحضير لمراجعة سوريا.
كما صدرت توصيات أخرى دعت سوريا إلى «اتخاذ تدابير عاجلة لوقف الهجمات العشوائية ضد المدنيين والمستشفيات والعاملين فيها والقوافل الإنسانية»، «لضمان وصول المساعدات إلى جميع المناطق المحاصرة دون عوائق»، كذلك دعتها إلى «مضاعفة جهودها من أجل التوصل إلى حل سياسي لتسوية الأزمة عبر حوار شامل مع جميع الأطراف». وأخيراً، تلقت سوريا 231 توصية من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، ويتوجّب عليها إبلاغ مجلس حقوق الإنسان قبل آذار\مارس 2017 بالتوصيات التي قبلت بها.