الأردن: حالة حقوق الإنسان لم تعرف تحسنا ملموسا منذ الاستعراض الدوري الشامل الثاني

.

اعتمد فريق الأمم المتحدة العامل المعني بالاستعراض الدوري الشامل في 12  نوفمبر 2018 ، مسودة تقرير بعد مراجهته لسجل حقوق الإنسان في الأردن في 8 نوفمبر. وتضمن التقرير 378 توصية قدمتها الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى الأردن محموعة من القضايا بما في ذلك ممارسة التعذيب التي تفاقمت بسبب غياب الضمانات القانونية، وإجراءات مكافحة الإرهاب المعيبة، و التشريعات القمعية المقيدة للحق في حرية التعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات.

عكست توصيات الدول الأعضاء الانشغالات التي أثارتها الكرامة في تقريرها الذي قدمته في 29 مارس 2018 استعدادا لهذه العملية، والذي أكدت فيه على أن حالة حقوق الإنسان في الأردن لم تعرف تحسنا منذ الاستعراض الدوري الشامل الثاني المنعقد في 2013 على الرغم من اعتماد سلطات البلاد لخطة وطنية شاملة لحقوق الإنسان عام 2016.

ممارسة التعذيب

تفتقر مملكة الأردن إلى إطار قانوني شامل لمعالجة مسألة التعذيب. ففي حين أن التعديلات التي أدخلت على قانون العقوبات في عام 2014 جعلت تعريف التعذيب يتماشى مع اتفاقية مناهضة التعذيب، إلا أن تجريم هذه الممارسة ما زال لا يرقى للمعايير الدولية. ولمعالجة هذا القصور، أوصت عدة دول بتعديل قانون العقوبات وتعريف التعذيب على أنه جريمة خطيرة والنص على العقوبات المناسبة.

في الحالات النادرة التي يتم فيها رفع شكاوى التعذيب ضد أعضاء من مديرية الأمن العام ومديرية المخابرات العامة  لا تتعامل المحاكم الخاصة مع هذه القضايا باستقلالية وشفافية. وفي هذا السياق اقترحت النمسا إعطاء صلاحية النظر في هذه الشكاوى للمحاكم العادية.

ودعت الجمهورية التشيكية وسري لانكا الأردن إلى التصديق على البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب الذي يدعو إلى إنشاء آلية وقائية وطنية.

قصور الضمانات القانونية

ينص القانون الأردني على عرض أي شخص يتم القبض عليه أمام سلطة قضائية في ظرف 24 ساعة. إلا أنه في الممارسة غالبا ما يتم تجاوز هذا الوقت. وعلاوة على ذلك، لا يمنح قانونالعقوبات للمشتبه بهم الحق في مقابلة محام منذ لحظة الاعتقال، ولا يذكر صراحة حق المعتقلين في الاتصال بعائلتهم.

كما يواصل محافظو المناطق العمل بأحكام قانون منع الجرائم لعام 1954 الذي يبيح لهم وضع الأفراد رهن الاعتقال الإداري لفترات طويلة، مما يحرمهم فعلياً من حقوقهم المنصوص عليها في قانون العقوبات. وقد دعت أربع توصيات إلى إنهاء هذه الممارسة الواسعة الانتشار أو على الأقل إخضاعها لرقابة صارمة.

وغالبا ما يلجأ المحافظون والشرطة إلى الاحتجاز الإداري للسجناء الذين أنهوا عقوبتهم، والأشخاص الذين يُقبض عليهم للاشتباه في ارتكابهم لجريمة رغم الإفراج عنهم بكفالة من طرف القضاة، وكذلك الأشخاص المدانين سابقا في قضايا جنائية. وفي هذا الصدد دعت سويسرا إلى ضمان حق المحتجزين في الطعن في قانونية احتجازهم.

حقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب

وتأسف الكرامة كون توصية واحدة فقط تناولت الحاجة إلى تعديل قانون منع الارهاب  ليتماشى مع العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، حيث يستمر انتهاك حقوق الإنسان بشكل منهجي بذريعة مكافحة الإرهاب.

تقوم دائرة المخابرات العامة ــ التي ترفع تقاريرها مباشرة إلى الملك ــ باعتقال الأفراد واحتجازهم بصورة تعسفية، حتى أولئك الذين يمارسون حقوقهم الأساسية في حرية الرأي والتعبير والتجمع السلمي. وفي العديد من الحالات، احتجزت دائرة المخابرات العامة نشطاء سلميين وأصوات معارضة وعرضتهم على  أمن الدولة بدعوى المساس " بالنظام العام" أو "تعكير العلاقات مع دولة أجنبية".

تفتقر محكمة أمن الدولة "وهي هيئة قضائية خاصة" إلى الاستقلال والنزاهة. ولديها صلاحيات كبيرة للنظر في مجموعة واسعة من الأفعال، بعضها يتعلق مباشرة بالممارسة السلمية لحق الشخص في حرية الرأي والتعبير. وأوصت فرنسا بأن "يحد الأردن من اللجوء إلى محكمة أمن الدولة في القضايا الجنائية التي تدخل ضمن اختصاص محاكم أخرى".

تقييد حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع السلمي

قيدت السلطات حرية التعبير بعدد من التشريعات، بما في ذلك قانون منع الإرهاب. وقامت على هذا الأساس باعتقال ومحاكمة وسجن، وفي بعض الحالات تعذيب، منتقدي النظام وناشطين بتهم غامضة مثل المساس بـ "النظام العام" أو تعكير صفو "العلاقات مع دولة أجنبية".

في يناير 2017، اقترحت الحكومة تعديل قانون الجرائم الإلكترونية بهدف تجريم "خطاب الكراهية". وفي يونيو 2018 طُرحت التعديلات المقترحة على البرلمان في انتظار التصويت عليها خلال الأسابيع القادمة. وتُعرف هذه التعديلات "خطاب الكراهية" بشكل واسع وتتضمن عقوبات قاسية تتراوح بين الغرامة والسجن. و تخشى منظمات المجتمع المدني من التأثير السلبي للتعديلات المرتقبة على الممارسة السلمية لحرية التعبير في البلاد.

وكانت السلطات قد أدخلت عام 2015 تعديلات تعاقب التشهير على الإنترنت بالسجن مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر، والتي استخدمت كأساس لاعتقال واحتجاز عدد من منتقدي النظام. وأوصت أربع دول الأردن بتعديل المادة 11 من قانون الجرائم الإلكترونية، وتحديد أو إلغاء تعريف "خطاب الكراهية" من التعديلات المقترحة.

فيما يتعلق بحرية تكوين الجمعيات، تحتفظ الحكومة بسلطة تقديرية واسعة لحظر إنشاء منظمات بذريعة انتهاك أهدافها "للأمن القومي والسلامة العامة والنظام العام والأخلاق العامة". ودعت سويسرا الأردن إلى إلغاء قانون الجمعيات". لتبسيط العمليات الإدارية التي تقيد أنشطة وتمويل منظمات المجتمع المدني".

أخيرا ، على الرغم من أن تنظيم مظاهرة لا يتطلب إذنًا كتابيًا مسبقًا، إلا أن السلطات تحاول منع ممارسة الحق في التجمع السلمي وتلجأ إلى قانون منع الجريمة أو قانون منع الإرهاب لاعتقال ومقاضاة المتظاهرين السلميين أمام محكمة أمن الدولة. واقترحت السويد إنشاء "مكتب مستقل لتلقي الشكاوى المتعلقة بالاجتماعات والتجمعات التي تم منعها دون تفسير".

الخطوات المقبلة

أعلنت الأردن بعد عملية الاستعراض عن إرجائها أو أخذها علما بـ 95 توصية، جلها تتعلق بالقضايا المذكورة أعلاه. وتدعو الكرامة سلطات الأردن إلى القبول بتلك التوصيات والعمل على تنفيذها قبل انعقاد الدورة الأربعين لمجلس حقوق الإنسان.

لمزيد من المعلومات

الرجاء الاتصال بالفريق الإعلامي عبر البريد الإلكتروني media@alkarama.org   أو مباشرة على الرقم 041227341006