الأردن: تقرير الكرامة الموازي إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان "انتهاكات باسم مكافحة الإرهاب"

.

في إطار التحضير للاستعراض الدوري الخامس للأردن المزمع عقده في 19 و 20 أكتوبر/تشرين الأول 2017، قدمت الكرامة تقريرها الموازي إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بالأمم المتحدة في 18 سبتمبر/أيلول لتقييم حالة الحقوق المدنية والسياسية في البلاد.

وسيقوم خبراء اللجنة خلال الدورة بتقييم مدى التزام الأردن بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي صادق عليه منذ العام 1975، على أساس تقرير الدولة الطرف فضلاً عن المعلومات التي تقدمها المنظمات غير الحكومية بما فيها الكرامة.

السلطات الأردنية وممارسة التعذيب

منذ استعراض الأردن الأخير أمام اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في العام 2010، جرى تعديل قانون العقوبات الأردني ليتماشى مع اتفاقية مناهضة التعذيب. ومع ذلك، لازال التعذيب يعتبر جنحة بموجب القانون الأردني طالما أنه لا يتسبب بإصابات خطيرة، مما يعني أن العقوبة لا تتناسب في كثير من الأحيان مع جسامة الأفعال.

علاوة على ذلك، لا تزال أعمال التعذيب تفلت من العقاب بسبب الافتقار إلى آليات الشكاوى الفعالة وغياب الملاحقة القضائية للجناة. ولا تزال القضايا التي تخص عناصر الأمن العام والمخابرات العامة؛ مثل محكمة الشرطة والمحاكم العسكرية التابعة لجهاز المخابرات العامة، من صلاحيات المحاكم الخاصة التي لا تتسم إجراءاتها بالاستقلالية أو بالشفافية.

انتهاكات حقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب

يدين تقرير الكرامة انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة بذريعة مكافحة الإرهاب، التي تميل إلى اتباع نمط واحد. يلجأ عناصر جهاز المخابرات العامة في الأردن- الخاضع للسلطة المباشرة للملك- إلى الاعتقال والاحتجاز التعسفي، الذي يطال حتى من  يمارسون بالكاد حقوقهم الأساسية في حرية الرأي والتعبير والتجمع السلمي.

بعد أسابيع من الحبس بمعزل عن العالم الخارجي، وجلسات تعذيب لإنتزاع الاعترافات، يُحال المعتقلون إلى المدعي العام لمحكمة أمن الدولة، الكائنة بمقر دائرة المخابرات العامة، تأخذ هذه الأخيرة، خلال المحاكمات غير العادلة، بتلك الاعترافات كدليل وحيد في القضية.

ثمة حالات عديدة، احتجز فيها نشطاء سلميون ومعارضون داخل دائرة المخابرات العامة، قبل محاكمتهم أمام محكمة أمن الدولة بدعوى الإخلال "بالأمن العام" أو "القيام بأعمال من شأنها تعكير صفو العلاقات مع دولة أجنبية". وهي الاتهامات ذاتها التي سيقت في قضية الدكتور أمجد قورشة، 48 سنة، الأستاذ المساعد في جامعة الأردن، والمتخصص في مقارنة الأديان ومقدم البرامج التلفزيونية والإذاعية الشهير في الأردن.

اعتقل قورشة في 13 يونيو/حزيران 2016، لنشره شريط فيديو على الإنترنت، قبل عامين، انتقد فيه مشاركة الأردن في التحالف الدولي ضد داعش باعتباره جزءاً من جدول أعمال الولايات المتحدة. وأفرج عنه بعد قرابة الثلاثة أشهر من الاحتجاز دون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة.

وفي حالة أخرى مماثلة، اعتقل إياد قنيبي لمدة سنة بتهمة "التحريض على تقويض نظام الحكم". وكان الدكتور قنيبي قد نشر، في 15 يونيو/حزيران 2015، مقالاً على فيسبوك انتقد فيه علاقات بلاده مع إسرائيل. وفي 7 ديسمبر/كانون الأول 2015، قبض عليه من قبل دائرة المخابرات العامة وحُكم بالسجن لمدة سنتين. وأدانت الكرامة في تقريرها قوانين مكافحة الإرهاب الفضفاضة والمقيدة  للحريات التي تستخدمها السلطات لقمع حرية التعبير.

القيود المفروضة على حرية التعبير وحرية التجمع وتكوين الجمعيات

سلط تقرير الكرامة الضوء على القيود المفروضة على حرية التعبير وحرية التجمع وتكوين الجمعيات في الأردن. وضربت المثل بالقانون الذي يجرّم كل خطاب ينتقد الملك أو المسؤولين أو المؤسسات الحكومية، فضلاً عن الدول الأجنبية.

من جهة أخرى، تمّ في العام 2012 تعديل قانون المطبوعات والنشر الذي فرض قيود على المحتوى الإخباري عبر الشبكة بمطالبة المواقع الإخبارية بالتسجيل والحصول على تراخيص  تصدرها هيئة الإعلام التابعة لمجلس الوزراء. ومن الناحية العملية صار نظام التراخيص هذا وسيلة لتقييد حرية تبادل المعلومات عبر الإنترنت.

خلال الربيع العربي، شهدت الأردن موجة من المظاهرات السلمية، تجاوب معها الملك بتقديم تنازلات محدودة، كتعديله لقانون الاجتماعات العامة، ومنذ ذلك الحين، لم يعد الأردنيون بحاجة إلى إذن حكومي لتنظيم الاجتماعات العلنية والمظاهرات. لكن الواقع العملي يكشف تحايل السلطات باللجوء إلى قانون مكافحة الإرهاب لتجريم التجمعات السلمية وإحالة المتظاهرين لمحكمة أمن الدولة.

أمّا حرية تكوين الجمعيات فلازالت محدودة، ففي آذار/مارس 2016، اقترحت وزارة التنمية الاجتماعية إدخال المزيد من التعديلات على قانون الجمعيات لعام 2009، الذي يفرض قيوداً على إنشاء منظمات مدنية، ويمنح الحكومة سلطة قانونية لحلّ تلك المنظمات تحت ذريعة "الإخلال بالأمن العام".

الخطة الوطنية الشاملة لحقوق الإنسان: بصيص أمل؟

رغم الانتكاسات العديدة التي طالت حقوق الإنسان منذ بداية الربيع العربي، أطلق الأردن في آذار/مارس 2016، خطة وطنية شاملة لحقوق الإنسان، هي عبارة عن مبادرة تستمر لعشر سنوات يتمّ خلالها تعديل بعض التشريعات والسياسات والممارسات للارتقاء بحقوق الإنسان. وفي هذا السياق، أنشأ الملك لجنة ملكية لتطوير السلطة القضائية وتعزيز سيادة القانون التي أعدت تقريرها الأول في شباط/فبراير 2017 وعرضت فيه مجموعةمن التوصيات الإيجابية لتحسين النظام القضائي ونظام العدالة الجنائية، بما في ذلك اقتراح بضمان حق جميع المشتبه فيهم في الاستعانة بمحام منذ بداية الاعتقال وأثناء جلسات الاستجواب. فيما غابت عنه أية توصيات تتعلق بأجهزة الاستخبارات المسؤولة عن أخطر الانتهاكات في البلد.

لمزيد من المعلومات
الرجاء الاتصال بالفريق الإعلامي عبر البريد الإلكتروني media@alkarama.org
أو مباشرة على الرقم 0041227341007