خبراء الأمم المتحدة يدعون الأردن إلى احترام حقوق الإنسان في سياق مكافحة الإرهاب

.

نشرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في الأمم المتحدة ملاحظاتها الختامية عقب استعراضها لملف حقوق الإنسان الراهنة في الأردن، في9  نوفمبر/تشرين الثاني 2017. وتمحورت أبرز الملاحظات التي أثارتها حول انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة بذريعة مكافحة الإرهاب، وممارسة التعذيب وسوء معاملة اللاجئين.

أصدرت اللجنة، التي تعنى بمتابعة تنفيذ العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي صادق عليه الأردن في العام 1975، ملاحظاتها الختامية بعد اطلاع الخبراء على تقرير المملكة، وجلسات المناقشة التي نظّمت في 19 و 20 تشرين الأول/أكتوبر 2017.

تدابير مكافحة الإرهاب

جاءت توصيات اللجنة المعنية بحقوق الإنسان صدى للعديد من التوصيات التي قدّمتها الكرامة في تقريرها الموازي إلى خبراء الأمم المتحدة قبيل الاستعراض. إحدى التوصيات تمحوّرت حول حقوق الإنسان في سياق مكافحة الإرهاب؛ حيث عبّر الخبراء عن قلقهم إزاء الأحكام الواردة في قانون مكافحة الإرهاب لسنة 2006، وتعديلاته لسنة 2014 التي وسعت تعريف الإرهاب، ومجال اختصاص محكمة أمن الدولة.

فعقب تعديلات سنة 2014 مُنحت محكمة أمن الدولة صلاحية النظر في جرائم غير عنفية، بعد أن شمل تعريف الإرهاب الأعمال التي تعكّر "النظام العام" أو "صفو العلاقات مع دولة أجنبية". وما قضية أمجد قورشة، الأستاذ المساعد في جامعة الأردن الذي اعتقل بسبب نشره على الإنترنت شريط فيديو انتقد فيه مشاركة الأردن في التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية ضد تنظيم "الدولة الإسلامية " سوى مثال جلي على ذلك.

وخلال الجلسة، أعلن الخبراء أن مثل تلك الأحكام يمكن أن تستخدم لكتم الأصوات المعارضة. وطالبوا الأردن بتعديل تعريف الإرهاب ليتوافق مع المعايير الدولية.

وفي ما خصّ محكمة أمن الدولة، كرّر الخبراء التوصيات الصادرة في عامي 1994 و 2010 والداعية إلى إلغاء المحكمة الخاصة. ورأت اللجنة أن محكمة أمن الدولة تفتقر إلى ضمانات المحاكمة العادلة نظرا لعدم استقلالها عن السلطة التنفيذية وعلاقتها الوثيقة بمديرية المخابرات العامة.

التعذيب وسوء المعاملة

سلّطت اللجنة الضوء على أوجه القصور القانوني الذي يساهم في خلق بيئة يسهل استغلالها لممارسة التعذيب وسوء المعاملة من قبل قوات الأمن. فقانون العقوبات الأردني يعتبر التعذيب جنحة طالما أنه لم يسفر عن إصابات خطيرة، ما يعني أن العقوبات لا تتناسب مع جسامة الأفعال.

وأشارت الملاحظات الختامية إلى أن قانون أمن الدولة يسمح للمدير العام لمديرية الأمن العام بالنظر في حالات التعذيب كجنح تستوجب السجن لمدة تقل عن ثلاث سنوات.

وحثت اللجنة حكومة الأردن على "إنشاء آلية فعالة ومستقلة لتلقي الشكاوى والتحقيق في حالات التعذيب المزعومة." ولا تزال المحاكم الخاصة، لا سيما محكمة الشرطة والمحاكم العسكرية التابعة لجهاز المخابرات العامة، والتي  تفتقر  للإجراءات المستقلة والشفافة هي المخولة للنظر في حالات التعذيب التي يتورط فيها أعضاء من مديرية الأمن العام وإدارة المخابرات العامة، مع العلم أنه لم يسبق أن صدر أي حكم في قضية تعذيب.

وفيما يتعلق بمسألة اللاجئين في الأردن، أوضحت اللجنة أنها تتفهم العبء الذي يتحمله الأردن باستضافة آلاف اللاجئين السوريين الفارين من الحرب والاضطهاد. لكن الخبراء أعربوا عن قلقهم حيال جبر اللاجئين على العودة القسرية إلى سوريا، بما في ذلك اللاجئين الفلسطينيين، خلافا لمبدأ عدم الإعادة القسرية المنصوص عليه في المادة 3 من اتفاقية مناهضة التعذيب. ووفقا لتقارير المنظمات غير الحكومية، فإن السلطات الأردنية عمدت على ترحيل نحو 400 لاجئ سوري مسجل شهرياً منذ بداية عام 2017.

القيود المفروضة على حرية التعبير وحرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات

مرة أخرى، كررت اللجنة توصيات الكرامة، وأدانت ما يتعرض له الصحفيون من ملاحقات قضائية وعقوبات بموجب قانوني العقوبات ومكافحة الإرهاب إذا ما عبروا عن آرائهم بطريقة نقدية؛ فقد يعتبر ذلك "إهانة للملك".

كذلك أعربت اللجنة عن قلقها إزاء انتهاك الحق في حرية تكوين الجمعيات في الأردن. ففي 17 مارس/آذار 2016، اقترحت وزارة التنمية الاجتماعية تعديل قانون الجمعيات لعام 2009 المقيِّد للحريات أصلاً. وتفرض تلك التعديلات قيوداً جديدة على تشكيل منظمات المجتمع المدني، وتمنح الحكومة سلطة قانونية لحل الجمعيات على أسس غامضة، وتحرم منظمات المجتمع المدني من تلقي التمويلات الأجنبية دون مبرر.

وأخيراً، وعلى الرغم من التقدم الكبير الذي شهده قانون التجمعات العامة لسنة 2011، والذي اعتمد لحماية الحق في التجمع السلمي في البلاد في أعقاب الربيع العربي، يلاحظ الخبراء مواربة السلطة وتحايلها على هذا القانون بحنكة وحيلة عملية، من خلال تطبيق  قانون منع الجرائم وقانون مكافحة الإرهاب لحظر العديد من المظاهرات واحتجاز المشاركين والمنظمين لها.

الخطوات التالية؟

رحبت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان باعتماد الخطة الوطنية الشاملة لحقوق الإنسان في الأردن - وهي مبادرة تمتد لعشر سنوات تدعو إلى تعديل بعض التشريعات والسياسات والممارسات – وأشارت في نفس الآن إلى أن العديد من التحديات لا تزال قائمة.

وطالب خبراء اللجنة حكومة الأردن بإفادتها، في غضون عامين، بما تقوم به في سبيل تنفيذ التوصيات المستعجلة، لا سيما تلك التي تعنى بحقوق المرأة، والحق في الحياة وحرية الأفراد، والمعاملة الإنسانية للأشخاص المحرومين من حريتهم، فضلاً عن قضية اللاجئين وعدم الإعادة القسرية. وستتيح المعلومات المقدمة الفرصة لقياس النتائج الأولية للخطة الوطنية الشاملة لحقوق الإنسان للفترة ما بين عامي 2015-2016.

لمزيد من المعلومات

الرجاء الاتصال بالفريق الإعلامي عبر البريد الإلكتروني: media@alkarama.org

أو مباشرة على الرقم: 0041227341008