الإمارات: الدول الأعضاء في الأمم المتحدة تدقق في السجل الحقوقي للبلاد خلال عملية الاستعراض الدوري الشامل

.

في 25  يناير/ كانون الثاني 2018، اعتمد فريق الأمم المتحدة العامل المعني بالاستعراض الدوري الشامل مشروع تقرير بعد استعراضه سجل حقوق الإنسان لدولة الإمارات العربية المتحدة في 22 يناير/كانون الثاني 2018. ويتضمن التقرير 230  توصية قدمتها الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى الإمارات، تتعلق بمجموعة من القضايا بما فيها ممارسة التعذيب والاحتجاز التعسفي الواسعة النطاق.

أعربت الدول الأعضاء، بعد تقييمها سجل حقوق الإنسان لدولة الإمارات العربية المتحدة، عن قلقها إزاء القيود المفروضة على حرية التعبير، وعدم وجود مؤسسة وطنية مستقلة لحقوق الإنسان، وممارسة التعذيب والاحتجاز التعسفي، وغياب الضمانات القانونية، وعقوبة الإعدام، فضلا عن حقوق المرأة والمهاجرين. وكانت الكرامة قد أثارت كل هذه القضايا في تقريرها المقدم إلى مجلس حقوق الإنسان في يونيو/حزيران 2017 قبل استعراض الإمارات.

ممارسة التعذيب وانعدام المساءلة

على الرغم من مصادقة دولة الإمارات العربية المتحدة على اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة في 19 يوليو/تموز 2012، لم يتم القضاء على التعذيب، وما زالت منظمات حقوق الإنسان، بما فيها الكرامة، توثق العديد من الحالات.

ولم تقم دولة الإمارات العربية المتحدة حتى الآن بتقديم تقريرها الأول، المستحق منذ آب/أغسطس 2013، إلى لجنة مناهضة التعذيب، مما يشكل انتهاكا لالتزامها بتقديم التقارير بموجب اتفاقية مناهضة التعذيب، ويشكك في جدية التزام السلطات الحقيقي بالقضاء على هذه الممارسة. ونتيجة لذلك أوصت عدة دول دولة الإمارات بتقديم تقريرها المتأخر والمشاركة في حوار بناء مع لجنة مناهضة التعذيب. ودعت الجمهورية التشيكية وإيطاليا الإمارات إلى القضاء على ممارسة التعذيب، وحظر الاحتجاز السري والحبس الانفرادي، ووضع ضمانات ضد التعذيب وسوء المعاملة.

ويلجأ موظفو أمن الدولة للتعذيب إما للحصول على اعترافات تجرم أصحابها، وكثيرا ما تستخدم كدليل وحيد في الإجراءات الجنائية، أو كشكل من أشكال العقاب والترهيب.  وتسود في البلاد بيئة الإفلات من العقاب، فلا تجرى أي تحقيقات جادة في ادعاءات التعذيب مما يجعل مرتكبي تلك الجرائم في منأى من العقاب. وحثت قطر وفنلندا دولة الإمارات على التحقيق في جميع أعمال التعذيب ومحاكمة المسؤولين عنها والمتورطين في ارتكابها.  وبالإضافة إلى ذلك، أوصت الجمهورية التشيكية بأن تكفل دولة الإمارات العربية المتحدة للأفراد الحق في محاكمة عادلة، وأن لا تأخذ بالأدلة التي تُنتزع تحت التعذيب.

كما شجعت دول عديدة، من بينها الدانمارك وفنلندا والبرتغال والجمهورية التشيكية، الإمارات على التصديق على البروتوكول الاختياري لاتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب، واتخاذ التدابير اللازمة لإنشاء آلية وقائية وطنية فعالة تتوفر على الاستقلالية والموارد الضرورية للقيام بعملها بفعالية في مناهضة التعذيب.

حرية التعبير والاضطهاد القانوني للمدافعين عن حقوق الإنسان

منذ الاستعراض الدوري الشامل الأخير، تزايدت القيود على حرية الرأي والتعبير وصارت تنتهك بانتظام. وتمت محاكمة العديد من النشطاء السلميين لانتقادهم الحكومة، بموجب ترسانة من القوانين الصارمة،على رأسها قانون مكافحة الجرائم المعلوماتية الذي يعاقب بأحكام سجنية قاسية على أعمال من قبيل "إهانة الحاكم" أو "الإضرار بالوحدة الوطنية أو سمعة الدولة" ؛ و قانون مكافحة الجرائم الإرهابية الذي يعطي تعريفا مبهما وفضفاضا للإرهاب، ويجرم أعمال غير عنفية والانتقاد السلمي؛ و التعديلات التي أدخلت على قانون العقوبات، التي تقيد بشدة حرية التعبير. ودعت سويسرا والسويد والنرويج وكندا وإستونيا خلال الاستعراض، دولة الإمارات إلى مراجعة تشريعاتها التي تمنع ممارسة حرية التعبير، وعدم تجريم التشهير، وتعديل القوانين المذكورة لمطابقتها مع المعايير الدولية.

وكانت الكرامة قد لفتت الانتباه في تقريرها إلى الأعمال الانتقامية المنهجية التي تستهدف المدافعين السلميين عن حقوق الإنسان، بمن فيهم أحمد منصور، الحائز على جائزة مارتن إنالز، الذي اعتقل في آذار/مارس 2017 انتقاما منه على تعاونه مع آليات الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية. ودعت دول مثل إيطاليا والنمسا وبلجيكا دولة الإمارات العربية المتحدة إلى حماية المدافعين عن حقوق الإنسان من الانتقام من تعاونهم مع الأمم المتحدة. وقد ورد ذكر الإمارات العربية المتحدة في التقرير السنوي للأمين العام الأممي بشأن الأعمال الانتقامية ضد الأشخاص الذين يتعاونون مع آليات الأمم المتحدة منذ عام 2013.

عدم التعاون مع آليات الأمم المتحدة لحقوق الإنسان

ادعى أنور قرقاش، وزير الخارجية الإماراتي، أن عمليات القبض والاحتجاز التعسفية لا توجد في الإمارات. وما يتناقض مع تصريحات الوزير أن الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي التابع للأمم المتحدة أصدر منذ آخر استعراض دوري شامل للإمارات، بناء على طلب الكرامة، عشرة قرارات تدين الطابع التعسفي لاحتجاز أكثر من 85 شخصا، لأن ذلك ناتج عن ممارستهم لحقهم الأساسي في حرية التعبير و/أو لأنهم حرموا من الحق في محاكمة عادلة.

عقب اعتماد مشروع التقرير، قالت جوليا ليغنر، المسؤولة القانونية عن منطقة الخليج في مؤسسة الكرامة: "على الرغم من دعوة الفريق العامل السلطات الإماراتية إلى الإفراج الفوري عن الأشخاص المذكورين في قراراته، فإن أغلبهم لا زالوا رهن الاعتقال إلى اليوم". وتابعت قائلة: "المؤسف أن نرى أن أي دولة عضو في الأمم المتحدة لم تقدم توصية واضحة في هذا الصدد".

وكما يشير إلى ذلك تقرير الكرامة، فإن الإمارات لم تستجب لثماني دعوات معلّقة وجهها المقررون الخاصون للقيام بزيارات قطرية، يعود بعضها إلى عام 2005. وكان آخر طلب هو الذي تقدم به المقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية حقوق الإنسان في سياق مكافحة الإرهاب في آب/أغسطس 2017، إضافة إلى طلبات أخرى من جانب الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي، والمقرر الخاص المعني بحرية التعبير، والمقرر الخاص المعني بمسألة التعذيب، والمقرر الخاص المعني بالمدافعين عن حقوق الإنسان. وفي هذا السياق أوصت العديد من الدول، بما في ذلك ألمانيا وهولندا ولاتفيا والسويد، بأن تستجيب دولة الإمارات العربية المتحدة بشكل إيجابي لطلبات الزيارة العالقة وإصدار دعوة دائمة لجميع الإجراءات الأممية الخاصة.

الخطوات المقبلة

تلقت الإمارات العربية المتحدة ما مجموعه 230 توصية من 97 دولة عضو في الأمم المتحدة، يتوجب عليها النظر فيها قبل يونيو/حزيران 2018، وإبلاغ مجلس حقوق الإنسان برفضها أو القبول بها. وينبغي على الإمارات بعد ذلك تنفيذ التوصيات المقبولة قبل استعراضها الدوري الشامل الرابع المزمع إجراؤه سنة 2022، من أجل تحسين حالة حقوق الإنسان في البلاد.

 

لمزيد من المعلومات

الرجاء الاتصال بالفريق الإعلامي عبر البريد الإلكتروني: media@alkarama.org

أو مباشرة على الرقم: 0041227341008