السعودية: الكرامة تطلب من فريق الأمم المتحدة العامل المعني بالاحتجاز التعسفي اتخاذ قرار بشأن احتجاز الدكتور سلمان العودة ومطالبة السلطات بإطلاق سراحه الفوري

الشيخ سلمان العودة

في 31 مايو 2022، رفعت الكرامة شكوى إلى فريق الأمم المتحدة العامل المعني بالاحتجاز التعسفي للبت في الصفة التعسّفية لاعتقال الدكتور سلمان العودة. ونادت الكرامة خبراء الأمم المتحدة للتدخل العاجل لدى السلطات السعودية ومطالبتها بالإفراج الفوري عن الأكاديمي السعودي لأن ظروف احتجازه باتت تشكل تهديدا حقيقيا وفوريا لحياته وصحته العقلية.

للتذكير فإن الكرامة قد رفعت سابقا شكوى في شأن الدكتور العودة إلى لجنة الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (CRPD).

سلمان العودة؛ عينة عن ضحايا القمع الوحشي ضد منتقدي النظام السعودي

أُلقِي القبض على الدكتور العودة في سبتمبر 2017 في سياق حملة قمع غير مسبوق ضد حرية التعبير في السعودية. حيث تم استهداف العشرات من الشخصيات العامة والنشطاء، واعتُقِل معظمهم لانتقادهم سياسة الحكومة أو لمجرد رفضهم إظهار دعمهم العلني للحصار الذي قادته السعودية على قطر.

تم القبض على الدكتور العودة في 9 سبتمبر 2017 لنشره تغريدة على حسابه في التوتر الذي يتابعه حوالي 14 مليون مشترك، عبّر فيها عن دعمه لمساعي الوساطة بين حكام السعودية وقطر. وجاء في تدوينته: "وفق الله بين قلوبهم لما فيه خير شعوبهم".

وبعد إلقاء القبض عليه، احتجز الدكتور العودة في مكان مجهول، ورفضت السلطات الكشف عن أي معلومات عن مكان وجوده، وحُرم أقاربه من حق التواصل معه. كما اعتقلت السلطات السعودية شقيقه خالد، في 12 سبتمبر/أيلول، انتقاما منه على سعيه في البحث عن أخيه المعتقل، وفُرِض حظر السفر على عائلة العودة بأكملها.

مستشهدة بقضيتي الدكتور سلمان العودة وشقيقه، نشرت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان في 22 ديسمبر / كانون الأول 2017 رسالتها الموجهة إلى السلطات السعودية عبرت فيها عن "قلقها الشديد إزاء [...] الاعتقالات التعسفية الواسعة النطاق والممنهجة والاحتجاز لأشخاص، بمن فيهم مدافعون عن حقوق الإنسان، لمجرد ممارستهم السلمية لحقوقهم الإنسانية في حرية التعبير والتجمع".

إعاقات الدكتور سلمان العودة الشديدة الناتجة عن ظروف اعتقاله

منذ اعتقاله التعسفي، أبقت السلطات على الدكتور العودة خارج حماية القانون، مع فترات طويلة من الاعتقال السري بمعزل عن العالم الخارجي. وقد تعرض لعدة سنوات من الحبس الانفرادي الكامل والحرمان الحسي، فضلاً عن أشكال مختلفة أخرى من التعذيب الجسدي والنفسي. أثبتت السلطات عزمها على معاقبة الدكتور العودة لرفضه الامتثال لطلب ولي العهد بدعم سياساته علنًا. حرمه مسؤولو السجن من الأدوية الضرورية حتى يناير 2018، عندما تدهورت صحته بشكل حاد، ما اضطُر لنقله إلى المستشفى بشكل عاجل بسبب ارتفاع ضغط الدم الذي يهدد حياته.

في أواخر نوفمبر / تشرين الثاني 2020، علمت عائلة الدكتور العودة من خلال الطاقم الطبي في السجن أنه أصيب بإعاقة ثنائية حادة في وظائفه البصرية بلغت على الأقل نصف قدرته البصرية السابقة، ومن ثم فهو يواجه اليوم خطر الإصابة بالعمى، في ظل الحرمان من العلاج وإعادة التأهيل.  وبالمثل، فقد أصيب بضعف سمعي تم تقييمه أيضًا بأكثر من نصف قدرته السابقة. على الرغم من أن السلطات لم تشرح الأسباب المحتملة لهذه الانخفاضات الحادة والمفاجئة في بصره وسمعه، يمكننا أن نستنتج من الموقف والمعلومات المتاحة أنه ربما حدث بسبب مرض أو صدمة أو أثر جانبي لدواء.

وفي الوقت نفسه، ومع تدهور حالته الصحية، حُرم من الرعاية الطبية وأجبر على تناول أدوية نفسية مجهولة الهوية لا تزال غير معروفة للأسرة والضحية حتى الآن.  شاهدت عائلته تدريجياً، ولكن بشكل أكثر حدة في الأشهر الماضية، هزاله الشديد بالإضافة إلى التدهور المعرفي والضبابية الذهنية.

إن سلوك السلطات السعودية غير المكترث واستمرارها في إساءة معاملتها للدكتور العودة يؤكد فقط نيتها قتله ببطء، وهو الخوف الذي عبر عنه ابنه في مقال حديث.

في ظل هذه الظروف، يشكل استمرار الاعتقال التعسفي للدكتور العودة وحرمانه من الرعاية الطبية تهديدًا مباشرًا وخطيرًا ووشيكًا لحقه في الحياة.

اعتقال تعسّفي واضح وحكم إعدام غير قانوني

اعتقل العودة بشكل تعسفي منذ سبتمبر / أيلول 2017 بسبب أفعال تندرج ضمن حقه الأساسي في حرية الرأي والتعبير. بدأت محاكمته أمام المحكمة الجزائية المتخصصة في 4 سبتمبر 2018. وأثناء الجلسة أبلغته النيابة العامة بالتهم الموجهة إليه لأول مرة، وقالت إنها ستطالب بعقوبة الإعدام.

بدأت محاكمته أمام محكمة أمن الدولة في 4 سبتمبر/ أيلول 2018، عندما طالب النائب العام سعود المعجب ونائبه محمد بن إبراهيم السبيت بإعدامه على أساس 37 تهمة معرّفة بشكل غامض، جميعها تتعلق بمناصرته لحقوق الإنسان والمشاركة السياسية. على الرغم من حالته الصحية ومحاكمته الظالمة، فإن ثمة مخاوف من الحكم على الدكتور العودة وإعدامه بشكل تعسفي ووحشي.

في ضوء ذلك، طلبت الكرامة من الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسّفي أن يصدر حكماً عاجلا يدين الاحتجاز التعسفي للدكتور العودة بموجب القانون الدولي.

كما تناولت شكوى الكرامة أيضًا الوضع الصحي الحالي للعالم وأبرزت كيف أن السلطات السعودية تركته فعليًا ليموت وحيدًا في زنزانته.

وهكذا دعت الكرامة خبراء الأمم المتحدة للتدخل على وجه السرعة لدى السلطات السعودية ومطالبتها بالإفراج الفوري عنه لأن ظروف الاعتقال الحالية تعرض حياته للخطر بشكل مباشر.