المغرب: "قضية بلعيراج" الكرامة تلتمس من الأمم المتحدة حث السلطات المغربية على الإفراج عن عبد القادر بلعيراج المحكوم بالسجن المؤبد على أساس اعترافاته المنتزعة تحت التعذيب

Affaire Belliraj

أحالت الكرامة في 4 يناير 2016 إلى الفريق العامل المعني بحالات الاحتجاز التعسفي بالأمم المتحدة من جديد قضية عبد القادر بلعيراج المواطن المغربي البلجيكي،59 عاماً، الذي قرر القضاء المغربي سنة 2009 سجنه مدى الحياة على أساس اعترافاته المنتزعة تحت التعذيب، عكس العدالة البلجيكية التى قررت في أكتوبر 2013 بإسقاط المتابعة. وتأمل الكرامة برفع هذه القضية مرة أخرى إلى الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي أن تعمل هذه الآلية الأممية المعنية بحماية حقوق الإنسان على إثبات الطابع التعسفي لحرمان بلعيراج من حريته منذ أزيد من ثماني سنوات، ودعوة السلطات المغربية إلى اتخاذ التدابير اللازمة للإفراج عنه.

القبض التعسفي والاحتجاز في السر والتعذيب

ألقي القبض على بلعيراج بمدينة مراكش في 18 يناير 2008 من قبل عناصر أمنية بملابس مدنية دون إظهار أمر قضائي أو إبلاغه بأسباب اعتقاله. ثم احتجز في السر مدة 28 يوما، لم يحرم فيها فقط من حماية القانون بل تعرض خلالها للتعذيب الشديد الذي لا زال يحمل آثاره إلى اليوم. وقال أثناء إدلائه بشهادته خلال محاكمته، أنه كان يتعرض للضرب الشديد على جميع أنحاء جسمه، ويعلق لفترات طويلة، محروما من الطعام والنوم إضافة إلى وضعه زنزانة انفرادية ضيقة للغاية. وانتهى به الأمر إلى التوقيع على محاضر "اعترافاته" التي لم يطلع على فحواها، بعد أن لم يعد قادرا على تحمل المزيد. وأفاد متهمون آخرون في نفس الملف كعبد الرحيم أبو الرخا و علي أعراس أنهما عانيا من نفس المعاملة.

الاتهام بتكوين شبكة إرهابية مكونة من معارضين سياسيين وصحفيين
ووفقا للرواية الرسمية للسلطات، ألقي القبض على الضحية بمطار الدار البيضاء في 16 فبراير 2008، أي بعدما وقع على "اعترافاته"، ونقل إلى مقر الشرطة القضائية، في حين قامت زوجته وأقاربه بالإبلاغ عن اختفائه للشرطة في 18 يناير وبحثوا عنه في جميع المستشفيات بالمنطقة. وبعد أربعة أيام، وتحديدا في 20 فبراير 2008، أعلن وزير الداخلية شكيب بن موسى في مؤتمر صحفي عن تفكيك شبكة إرهابية مؤلفة من حوالي 30 شخصا ضمنهم مسؤولون في أحزاب سياسية إسلامية ومناضلون اشتراكيون وصحفيون، لا تجمعهم بينهم وبين الضحية أية روابط خاصة، وهو ما يعتبر خرقا لقرينة البراءة.

خروقات في الإجراءات

انطلقت المحاكمة بالرباط في 16 أكتوبر 2008، وحظيت بتغطية إعلامية خاصة لمحاكمة أعضاء شبكة بلعيراج". و أصدر القاضي في 29 يوليه 2009 أحكاما سجنية في حق المتهمين تتراوح بين سنة والمؤبد للمتهم الرئيسي، الذي يقبع إلى اليوم في سجن تولال قرب مدينة مكناس. وقد ندد الدفاع بالخروقات الخطيرة التي شابت الإجراءات وهو ما لاحظه العديد من المراقبين لكن المحكمة رفضت أخذ ذلك بعين الاعتبار .

وتجلت المخالفات في عدم فتح أي تحقيق في مزاعم التعذيب، وعدم مراعاة المحكمة لا أوجه القصور المحيطة بعمليات القبض والاحتجاز والحصول على الأدلة من قبل الشرطة؛ والتلاعب بتواريخ القبض على المتهمين الذين كما هو الأمر بالنسبة لبلعيراج جرى توقيفهم بأيام وأحيانا بأشهر قبل التاريخ المبين في محاضر الشرطة؛ و ادعى بعض المتهمين خلال المحاكمة أن محتويات المحاضر لا تتطابق مع تصريحاتهم الأولية أمام الشرطة.

لا متابعة في بلجيكا
وبالموازاة مع إدانته في المغرب، كانت قضية بلعيراج أيضا موضوع تحقيق قضائي في بلجيكا، التي كان يقيم فيها مع عائلته، فتحتها السلطات استنادا إلى "اعترافاته بارتكاب جرائم في بلجيكا"، وبعد التحقيق قرر الادعاء الفيدرالي في 25 أكتوبر 2013 إسقاط المتابعة، بعد أن خلص إلى أن المعلومات المقدمة من قبل السلطات المغربية لا تفيد بتورط بلعيرج في جرائم فوق الأراضي البلجيكية.

قضية سياسية بامتياز
وترى زوجة بلعيرج، أن السبب وراء اعتقال زوجها سياسي بالأساس، حيث قبض عليه إلى جانب أعضاء في حزب البديل الحضاري، وهو حزب سياسي مغربي ذو توجهات إسلامية تم إنشاؤه في 2002 وقامت السلطات بحله في 20 فبراير 2008 في سياق قضية بلعيراج.

"كان من الواجب أن يحمل هذا الملف اسم قضية حزب البديل الحضاري لأنها سياسية بامتياز. فقد صدرت أحكام ثقيلة على قياديي الحزب في هذه القضية تراوحت بين 15 و 28 سنة، ثم أفرج عنهم بعد سنتين بينما لا زال زوجي و17 متهما آخر خلف القضبان.

وتتابع "ولا يجب إغفال التجاوزات والخروقات الإجرائية المتعددة التي شابت هذا الملف منذ البداية، بدءا باختطافه من الشارع واحتجازه في السر وتعذيبه طيلة شهر ثم إكراهه على التوقيع على المحاضر وهومعصوب العينين، ونشرها في وسائل الإعلام قبل عرضه على القاضي... التحقيق البلجيكي، الذي استمر أكثر من خمس سنوات، انتهى بإسقاط المتابعة آخذا بعين الاعتبار أن محامي زوجي البلجيكي لم يتمكن من اللقاء به طيلة ثماني سنوات من الاعتقال، على الرغم من محاولاته ورحلاته المتكررة إلى المغرب. لذا أقول أنها قضية سياسية بامتياز وأن الحل لا يمكن أن يكون إلا سياسيا. كما أن وراء هذه القضية السياسية معاناة أهالي المعتقلين، خلف هذه المهزلة مأساة إنسانية رهيبة تعيشها زوجات وأطفال المعتقلين في هذا الملف، بعد أن انقلبت أوضاعهم بين عشية وضحاها، ليبدؤوا رحلتهم الطويلة مع الانتظار والترقب تدوم منذ ثماني سنوات".

والتمست الكرامة من جديد تدخل الفريق العامل المعني بحالات الاحتجاز التعسفي لدى السلطات المغربية لتذكيرها بأن تلك الإجراءات انتهاك للمادتين 9 و 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، التي تكفل الحق في عدم تعرض أي شخص للتوقيف والاعتقال تعسفيا والحق في محاكمة عادلة. ودعت الفريق الأممي إلى مطالبة بالمغرب باتخاذ جميع التدابير اللازمة لتصحيح الوضع والإفراج عن عبد القادر بلعيراج وإنصافه عن الضرر الذي لحقه.

لمزيد من المعلومات
الرجاء الاتصال بالفريق الإعلامي
عبر البريد الإلكتروني media@alkarama.org
أو مباشرة على الرقم 08 10 734 22 0041